11 سبتمبر 2025

تسجيل

الدب الروسي والغزال الأمريكي

28 فبراير 2022

مع فتح الرئيس الأوكراني الباب للمتطوعين من خارج بلاده للقتال والدعم البريطاني والأوروبي لهذه الخطوة، نحن أمام سياسة ما هو مشروع للغرب دوليًا مُحرّم علينا عربيًا. المقاربة بسيطة، إذا فتحت أي دولة عربية باب التطوّع للقتال في فلسطين، ماذا سيكون ردّ فعل المجتمع الدولي؟ التطوّع للقتال هو المخرج العسكري لانضمام قوات أوروبية للقتال تحت غطاء مدني، وتشكيل ما يُسمى بـ"المقاومة" الأوروبية- العالمية بوجه روسيا. ما يعني أن المعركة ستكون طويلة الأمد، لكن التحالف الأمريكي- الأوروبي لن يدوم طويلًا، والغزال الأمريكي سيتخلّى عن حلفائه الأوروبيين في وقت أقرب مما هو متوقع. وهذا ما أيقظ وحش التسلح في أوروبا، إذ أعلنت ألمانيا عن تأسيس صندوق وطني بمبلغ 100 مليار دولار أمريكي لتعزيز قدرتها العسكرية، وزيادة الإنفاق العسكري بنسبة 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الألماني.. سوق السلاح ينمو مباشرة بعد نموّ سوق الأدوية.. ولا شك أن المشهد الاقتصادي العالمي سيتغير، وما خروج "بلفور" من السوق الأوروبية المشتركة إلا مقدمة لما نشهده الآن وما سيشهده العالم قريبًا. في المقابل تتمسك المنطقة العربية بميثاق الأمم المتحدة، داعية للسلام والأمن الدوليين، خشية الانحياز لأي من الطرفين الروسي- الغربي مع تشجيع الأطراف على تبنّي الحوار وضبط النفس، وفتح الباب أمام الزوجات الأوكرانيات للالتحاق ببعولتهن كما فعل العراق، وهذا دليل جديد على "الحنان العربي". وإذا لم تُرخِ التداعيات السياسية بظلالها على المنطقة العربية، فلا شك أننا سنسمع في الأيام المقبلة عن "مقاومين" أو "مرتزقة" من أصول عربية، وأموال عربية، سيهبّون للانتقام من السوفياتية نُصرة للغزال الأمريكي في أوكرانيا! وباء.. فحربٌ.. فإنتاج وقود.. فتغيير في شريعة الغاب الدولية. التغيير في الغابة العالمية لا ريب فيه، ولكن التغيير في لبنان يحتاج إلى معجزة إلهية، ما يُرجح الفرضية التاريخية التي تقول إن أغلب المناطق اللبنانية كانت موجودة تحت سطح البحر، لأن ما يحصل فوق سطح البحر في هذا البلد يفوق المنطق والعقل، وهذا ما انعكس في الموقف اللبناني الذي ندّد بـ"الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية".. يحق للبنان كدولة ذات سيادة الإعلان عن موقفها، ولكن دعوة روسيا إلى الانسحاب والعودة إلى منطق الحوار، يستحضر صورة الهرّ الأليف الذي يرى في ظلّه أسدًا.. وهو في الحقيقة هرّ مُشرد وجائع ينتظر المعونة الشهرية لإطعام أتباعه المؤتمرين والمقتنعين أن قائدهم أسد. بين الغزال والدبّ والأسد.. الغابة هي فعليًا الوجهة التي ينصحنا فيها الخبراء، للتنفيس عن القلق من الأخبار التي تصلنا دون أن نبذل جهدًا لمتابعتها، إذ يعتبر علماء النفس أن العودة إلى الطبيعة هي الحلّ. كنّا نُجهّز أنفسنا لركوب السيارات الطائرة في 2022، واستخدام الروبوتات، ولكننا وجدنا أنفسنا في عالم ينصحنا فيه الأخصائيون باستخدام الشموع والزيوت العطرية والمشي حُفاة القدمين واقتناء الأحجار الكريمة للإحساس بالوجود الفعلي.. وكأن وجود الإنسان تحوّل لغبار متناثر في السحابات الإلكترونية.. الطبيعة الأم تحاول إعادة تشكيل هذا الغبار وإحياء هذا الوجود.. الناجون قلّة. قلّة منّا ستُصدّق قصّة متحور أوميكرون الذي يُصيب الغزلان، حيث رصد علماء من جامعة بنسلفانيا الأمريكية متحورا في حيوانات برية للمرة الأولى وهي الغزلان ذات الذيل الأبيض التي تعيش في مدينة نيويورك، ما يثير المخاوف من متحورات جديدة حيث يبلغ عدد الغزلان 30 مليونا في أمريكا.. "خلي بالك يا غزال" متحور جديد يعني لقاح جديد. إجراءات جديدة في تونس تثير القلق مجددًا مع إعلان السلطة الرئاسية نية حظر تلقي منظمات المجتمع المدني أي تمويل أجنبي، وذلك خوفًا من "العبث بالبلاد" من قبل الأطراف الخارجية.. من حقّ كلّ دولة حماية نظامها ومجتمعها ولكنّ الشعوب ملّت من العبث الداخلي المجاني بها تحت عنوان "القضية".. أقله العابث الخارجي يدفع "كاش" وبالعملة الأجنبية.