11 سبتمبر 2025
تسجيلفي الحقيقة ترددت كثيراً قبل أن أقرر الكتابة في موضوع القيم الاجتماعية، وذلك لعدة أسباب قد يكون أهمها اختلاف الآراء حول تعريف القيم الاجتماعية وكذلك تحديد مفهومها. ولقد قمت بتوجيه سؤال لعدة أشخاص حول تعريف القيم الاجتماعية، وكانت معظم الإجابات تدور في فلك الأخلاق والعادات والتقاليد، وقد يكون هذا جزءاً من المفهوم العام للقيم الاجتماعية في أي مجتمع، ولكن السؤال هنا لماذا يجب علينا أن نحافظ على قيمنا الاجتماعية ؟ وماذا سيحدث لو تغيرت هذه القيم ؟ وهل مجموعة القيم الحالية هي نفسها لم تتغير منذ مئات السنين ؟ جميع هذه التساؤلات وغيرها دفعتني إلى أن أُدلِي بدلوي وأن اسجل خواطري حول موضوع القيم الاجتماعية. أولا- يجب أن نُعرف القيم الاجتماعية حتى تتضح لنا أهميتها، فللقيم تعاريف كثيرة ومن الصعب أن تجد تعريفا واحدا اتفق عليه الجميع، ولكني سوف اتعرض لأفضل تعريف من وجهة نظري الخاصة يبين المعنى، فمن خلال بحثي في الشبكة العنكبوتية وجدت التعريف التالي الذي باعتقادي أنه أقرب إلى إيضاح معنى القيم، فالقيم الاجتماعية " هي الخصائص أو الصفات المرغوب فيها من الجماعة وتوجه سلوكهم، وهي التي تخبرهم بالفرق بين الحلال والحرام أو الصحيح والخطأ والجيد والسيئ، والتي تحددها الثقافة القائمة مثل التسامح والحق والعدل والأمانة والجرأة والتعاون والإيثار والقوة، وهي أداة اجتماعية للحفاظ على النظام الاجتماعي والاستقرار في المجتمع"، فبالتالي هي مجموعة من الضوابط التي تحدد العلاقات الاجتماعية بين الأفراد في المجتمع الواحد، وإن الحاق أي ضرر في هذه الضوابط يؤدي إلى تغيير سلبي في سلوكيات المجتمع فيما بينه. ونرجع إلى المجتمع القطري، فلا يختلف اثنان على أن الغالبية العظمى من قيمنا الاجتماعية هي امتداد تتأصل جذوره من قيم ديننا الحنيف والتي انبثقت وتشكلت من أوامر إلهية جاء بها المصطفى- صلوات الله وسلامه عليه-، فمنبعها الرئيسي كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد تكفل المولى عز وجل بحفظه من التحريف والضياع، وكذلك من السنة النبوية المطهرة، فلذلك لا عجب بأن تكون القيم الإسلامية هي أكمل وأتم القيم وأفضلها وأنفعها للبشرية جمعاء، وهنا تكمن أهميتها، فكما أن ديننا الحنيف هو دين الفطرة الإنسانية السليمة، إذن فقيم المجتمع القطري هي على الجادة السوية الصحيحة التي تكفل تربط وتلاحم الكيان المجتمعي، فلابد أن تحفظ هذه القيم وتحمى من المخاطر المحدقة بها. وسوف أتطرق لبعض مكامن الأخطار المحدقة بقيمنا الاجتماعية وهي للأسف كثيرة وعديدة، ومن يعمل وراءها لا يكل ولا يتعب في شحذ معوله حتى تكون ضربته في أساسات جدران قيمنا مؤثرة وهادمة. ولنبدأ أولا في أهم وسيلة أو أداة من أدوات النيل من القيم الاجتماعية ليس في قطر فقط وإنما في شتى بقاع المعمورة، وهي بوجهة نظري وسائل الإعلام المختلفة ووسائط التواصل الاجتماعي، وذلك لسهولة انتشارها وسرعة تأثيرها وصعوبة رقابتها. ويكمن الخطر الآخر في أفكار ومعتقدات أناس من بني جلدتنا انجروا وراء بهرجة الحضارات الغربية ووهج أنوارها الكاذبة وأفكارها الهدامة، فتراهم لا يألون جهدا في تغريب الشباب وسلخهم من هويتهم الإسلامية والعربية، وفي سبيل ذلك لابد أن تهوي معاولهم على القيم لتدميرها أو تخريبها أو على الأقل تهميشها والاستهانة بقدسيتها بين أفراد المجتمع. إن المحافظة على القيم الاجتماعية ليس مسؤولية دولة أو مسؤول، إنما مسؤولية تقع على عاتق مجتمع بأكمله، تبدأ بالفرد مرورا بالأسرة والمدرسة والجامعة والمنتديات والمجالس وغيرها ومن ثم كيان الدولة والمجتمع ككل. وفي الختام أقول لقد نجح المد الشيوعي في الاتحاد السوفيتي السابق في احتلال الكثير من المدن الإسلامية، فمنع استخدام القوة والسطوة للمسلمين فيها من أداء أي مظهر من مظاهر العبادة، ولكنه عجز عن مسح ما في صدورهم من إيمان بدينهم ومعتقداتهم، وعندما استقلت هذه الدول رجعت هذه المدن إلى سابق قيمها ودينها. لذلك خط الدفاع الرئيسي لضمان حفظ وصون المجتمع يبدأ من التربية الصحيحة للنشء على قيم ديننا الحنيف وقيمنا الاجتماعية الأصيلة. @drAliAlnaimi