14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أقدمت وكالة "ستاندرد آند بورز" مؤخرا على تخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية السعودية والعمانية والبحرينية. وأشارت الوكالة إلى أن تخفيض التصنيف جاء بناء على تخفيضها للتوقعات المستقبلية لأسعار النفط. وبالنسبة للبحرين تحديدا، فأنها المرة الأولى التي ينخفض فيها تصنيف الدين السيادي إلى ما دون الدرجة الاستثمارية وإلى مستوى الدرجة المضاربية "junk" التي تعني إنها قد تنطوي على مخاطرة عدم السداد. وهذا بدوره سوف يكون له جانبين سلبيين أساسيين الأول هو رفع تكلفة الاقتراض الحكومي من الخارج. والثاني هو تردد وأحجام بعض المقترضين من الدخول في عملية إقراض للحكومة. وقد صرح محافظ مصرف البحرين المركزي إن منهجية تصنيف الوكالة كان غير منصف.نحن عبرنا في أكثر من مرة عن عدم قناعتنا بالمنهجية التي تتبعها وكالات التصنيف الغربية لكونها صممت في الغالب لتوائم أوضاع الدول الصناعية المتقدمة. وقد أبدت الكثير من الدول تحفظاتها على منهجية تصنيف هذه الوكالات ولكن دون جدوى حيث باتت تحظى باعتراف المؤسسات الدولية التمويلية الكبرى وتأخذها كمعيار في الحكم على سلامة اقتصاد أي دولة وتحديد جدارتها الائتمانية.وباختصار، تصنف وكالات التصنيف الغربية البلدان باستخدام خمسة عوامل تصنيف أساسية وهي أولا الفعالية المؤسسية والحوكمية أي استقرار المؤسسات السياسية، والشفافية، والأمن الخارجي، إلخ. وثانيا الهيكل الاقتصادي وآفاق النمو أي نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ونموه، والتنوع الاقتصادي، وما إلى ذلك. وثالثا مجموع النقاط المتعلقة بالوضع الخارجي للبلد (السيولة الخارجية والموقف الخارجي بشكل عام) ورابعا الوضع المالي أي المرونة المالية وعبء وهيكل الديون. وأخيرا الوضع النقدي أي دور السلطة النقدية والتنسيق المشترك للسياسة النقدية مع السياسة المالية.لكن هذه المنهجية أظهرت إخفاقات في محطات كثيرة على مدى العقود الماضية وكان أخرها إبان الأزمة العالمية عام 2008. فمنذ بداية هذه الأزمة بذلت الدول في جميع أنحاء العالم، وذلك بالتعاون فيما بينها، جهودا كبيرة للتخفيف من الأزمة، على أمل أن يتعافى الاقتصاد العالمي المدمّر في أقرب وقت ممكن. ومع ذلك، فقد تعرّض العالم للخطر مجدداً مع أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو. وتشكل كل من الأزمة المالية وأزمة الديون اليونانية أزمات ائتمان، ناجمة عن عدم قدرة المدينين على الوفاء بالتزاماتهم المالية. وهنا يمكننا أن نشهد ظاهرة شائعة، وهي أن جميع المدينين المعنيين بالأزمة هم كيانات اقتصادية تتمتع بتصنيفات عالية، والتي من المفترض أن يكون لديها ملاءة قوية واحتمال ضعيف في عدم القدرة على السداد. والسبب الرئيسي للتوصل إلى تصنيفات غير دقيقة من قبل وكالات التصنيف الغربية هو لكونها تعمد إلى تسييس التصنيف الائتماني واستخدام البنى الاجتماعية الغربية كمعيار لإعطاء الدرجات العالية. فعلى سبيل المثال تعتبر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي كمؤشر أساسي للمتانة الاقتصادية لدولة ما، بينما هذا المؤشر لا يعكس مستوى التنمية الاقتصادية والفوارق الكبيرة في توزيع الدخل. كما يتجاهل هذا المؤشر حقيقة أنه إذا كان الوضع المالي للبلد وآفاق نموه الاقتصادي مواتية للغاية فأن قدرته على الاقتراض والسداد يجب أن تعتبر قوية حتى لو أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي منخفضة نسبيا. أيضا تعتبر التصنيفات الغربية القدرة على إعادة التمويل لسداد الديون القائمة هي عامل أساسي في التصنيف بدلا من التدفقات النقدية الجديدة. وهذه المنهجية تدعم بصورة رئيسية الدول الغربية باعتبار أن أكثر من 90% من مجموع الديون في العالم هي في البلدان المتقدمة و8% فقط في البلدان النامية، وكذلك أن المديونية الخارجية للبلدان المتقدمة تمثل 130% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما هي البلدان النامية 21% فقط.لذلك، تتركز دعوات الكثير من الخبراء خصوصا في الدول النامية على ضرورة تعديل منهجية التصنيف المتبعة من قبل وكالات التصنيف الغربية باعتبار إن الولايات المتحدة والدول المتقدمة هم أكثر المستفيدين من منهجية التصنيف الحالية، بينما تعتبر تلك المنهجية غير ملائمة للبلدان النامية.وعوضا عن العوامل التي تتبعها وكالات التصنيف الغربية، يدعو هؤلاء الخبراء إلى الاستعاضة عنها بعوامل تركز على الوضعية الخاصة للدول النامية مثل أولا فعالية وكفاءة الإدارة الاقتصادية إي إستراتيجية التنمية وفعالية الحكومة. وثانيا القوة الاقتصادية مثل الاستقرار الاقتصادي، وإمكانات النمو ونقاط القوة في النظام المالي. وثالثا القوة المالية مثل تنوع الإيرادات المالية والنفقات، وعبء الديون، وإمكانات النمو في الإيرادات الحكومية. ورابعا قوة صرف العملات الأجنبية، أي تقييم قيمة العملة المحلية وقابليتها للتحويل، وحجم احتياطيات العملات الأجنبية، والوصول إلى الأسواق المالية، وما إلى ذلك.