13 سبتمبر 2025

تسجيل

ذهب الببلاوي .. وانتهى غطاء جبهة الإنقاذ

28 فبراير 2014

ذهب الببلاوي، ومن قبله ذهب زياد بهاء الدين، وكان البرادعي قد اختصر الطريق وغادر بنفسه قبل أن يقال، وربما قبل أن يتعرض للمحاكمة، والثلاثة من تيار فكري وسياسي أقرب إلى بعضهم البعض، وقد وصل ثلاثتهم للمناصب في وضع مرحلي مؤقت للغاية، وانتهى وجودهم في الحكم بأسرع مما تصور الكثيرون وربما أنفسهم أيضاً، إلا أن آخرهم في المغادرة- الببلاوي-جرت مغادرته بالإقالة المفاجئة، حتى قيل إنه قد لا يبقى في البلاد، وسيغادر مثل البرادعي.كان عصام شرف أول من وصل إلى موقع رئيس الوزراء عقب إقالة حكومة شفيق، وقيل وقتها إنه أول رئيس وزراء يأتي للحكم من ميدان التحرير، فوصل محملا بالآمال الثورية، لكنه لم يجد طريقا للنجاح وانتهت تجربته بالفشل، وقد ظهر للمتابعين أن من اختاروه وكلفوه حددوا مهمته في امتصاص الضغط الثوري وإعادة البلاد للهدوء بسرعة - لا تحقيق أهداف الثورة –وحين لم يفلح ..أقيل. وإذا جرت مظاهرات 30 يونيو وصدر بيان 3 يوليو، وأطيح بالرئيس المنتخب ورئيس وزرائه، فقد جيء بالببلاوي رئيسا للوزراء –بذات طريقة عصام شرف -وفهم وقتها أن الرجل وصل للموقع لتقديم غطاء سياسي للسلطة الجديدة، باعتباره وبعض من رموز وزارته، من زمرة جبهة الإنقاذ وأطيافها، وقد كانت الذراع السياسية والإعلامية للجهات التي أثارت العنف في شوارع حكم مرسي.الآن انتهى دوره كما انتهى دور عصام شرف، إذ وجد كلاهما نفسه في داخل صندوق مغلق، لم يفتح إلا لخروجه.وإذا كان البرادعي هو من استقال، قبل أن يقال، ويقول البعض، إن دوره كان انتهى حين اندلع الصدام بين القوتين الرئيسيتين في المجتمع والدولة –القوات المسلحة والحركة الإسلامية- وكذا قيل إن زياد بهاء الدين هو من استقال، فالأغلب أن الببلاوي – ومعه من بقي من رموز الإنقاذ – قد أقيلوا وبذلك لم يبق من احتلالهم للمناصب إلا ترسيخ فكرة أن هذا التيار، لم يخرج عن خدمة الأنظمة غير الديمقراطية وأنه تيار لا يستطيع الوصول للحكم عبر الصناديق بل بالارتباط بسلطات الدولة.وقد جاء تحريك الببلاوي –ومن بقي معه-خارج مقر الوزارة إعلانا بمرحلة جديدة من حكم مصر، سيكون الببلاوي ورمزيته السياسية أحد ضحاياها.فالقادم في رئاسة حكومة مصر –إبراهيم محلب –هو أقرب إلى نمط تفكير د.الجنزوري، وسيؤدي الدور نفسه الذي أداه لكن باتجاه جبهة الإنقاذ هذه المرة. القادم هو حكم تديره الدولة وأجهزتها السيادية بشكل كامل دون غطاء من أحزاب سياسية.لقد نجحت الدولة الناصرية في تشكيل نمط من البيروقراطيين أو التكنوقراط الذين لا يفكرون إلا بعقلية أجهزة الدولة المتحكمة؛ هؤلاء حسب وصف أحد الأصدقاء الخبراء، يرون أن القرار الوطني هو القرار الذي تصدره القيادة السياسية، أيا كان.ذهب الببلاوي ومن معه، وأصبح الحكم بلا غطاء سياسي من أي تيارات فكرية، انتهى دور جبهة الإنقاذ، لتكون الدولة المصرية وحدها في الحكم دون غطاء من آخرين .عادت الدولة منفردة وحدها في ساحة النظام السياسي دون تيارات وأحزاب سياسية حقيقية، بعدما عزلت الإخوان والتيارات الإسلامية ثم عزلت حركات الشباب الليبرالي والعلماني، والآن عزلت جبهة الإنقاذ لتعود هي لتولى الحكم والتشريع والرقابة وكل شيء، هي الدولة والدولة هي، ولا أحد سواها في ساحة مصر. انتهى تحالف الدولة مع أي أحد، تلك الحالة لا تطرح وضعية السلطة بقدر ما تطرح المأزق التاريخي للحركة السياسية المصرية التي قبلت الحوار والارتباط والتحالف مع الدولة في كل العصور، ولم تكن جادة أبدا في علاقاتها وتحالفاتها مع بعضها البعض، قبلت التيارات السياسية والفكرية التحالف مع الدولة ضد بعضها البعض، منذ الملكية وخلال حكم عبد الناصر والسادات ومبارك، وحتى الآن.بقي سؤال استفساري: هل تعود جبهة الإنقاذ للبحث عن تحالفات جديدة، بعد انتهاء دورها في الحكم؟