19 سبتمبر 2025

تسجيل

مثقف كويتي بارز في الحمامات

28 فبراير 2012

استكمالا لحديث في هذه الزاوية نشر بتاريخ 21 فبراير كان عن " حوارات في تونس " ولكون الصحيفة تحدد المساحة بالكلمات فإن حديثي لم يكتمل عن تلك الحوارات واليوم أعود لأكمل حديثي الذي وعدت بمواصلته. قبل كل قول فوجئت كغيري من ثلة من المثقفين العرب الذين شاركوا في المؤتمر الذي نظمه مركز دراسات الوحدة العربية بالتعاون مع المعهد السويدي للديمقراطية بتهكم مثقف كويتي بارز على ما سماه " النخب العربية في الحمامات " جعل هذا العنوان لأحد مقالاته، والحق أنه كان مع الذين اجتمعوا في الحمامات لكنه آثر أن ينأى بنفسه بعيدا عن ذلك المكان. لكن يشهد المشاركون في ذلك المؤتمر أن مساهمة صاحبنا " الكويتي " لم تكن ذات أثر بل إن أحد المتحدثين في المنصة نبهه بأن يغلق جهاز الحاسوب الذي أمامه ليتفرغ لسماع المتحدثين، لقد كانت مساهمة صاحبنا تعليقا على مداخلة السيد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة عندما استخدم الغنوشي عبارة " نحن نتعلم السباحة " في بحر لجي، كان تعقيب المثقف الكويتي في القاعة وعبر مكبر الصوت تهكميا " لقد بعثت ما قاله الغنوشي على التويتر بشأن تعلم السباحة فأتتني الردود بشرط أن يكون بلباس " مايوه إسلامي " إن اجتماع النخب العربية في تونس منتجع الحمامات قُدمت فيه أفكار وآراء مستقبلية جديرة بالتقدير، وليست كما أراد صاحبنا الكويتي. (2) في إحدى ردهات الفندق الذي ينعقد فيه المؤتمر تقدم إليّ مجموعة من الأفراد وعرفوني على أنفسهم بأنهم من أتباع المدرسة السلفية في تونس ودار الحديث بيننا عن الثورة التونسية ووجدت أن عندهم اقتناعا بأن " حركة النهضة " سرقت منهم الثورة وأنهم مصرون على استردادها منهم، يقولون إن لديهم مشاريع لقيادة تونس وبناء الدولة الإسلامية الحديثة بعيدا عن النظم الغربية وثقافة الاستهلاك التي يريدون تصديرها إلينا. قلت ما هو مفهومكم للدولة الإسلامية؟ ومفهومكم للمال العام؟ هل من يتولى السلطة السياسية يبقى إلى أن يتوفاه الله كما ينص الفقه السلفي؟ إجابات متشعبة متناثرة لا رابط بينها وأخيرا قالوا نحن لسنا فلاسفة ولسنا علماء سياسة. (3) جرتني الأقدار إلى الالتقاء بصديق سلفي من أهل الخليج، قلت له ماذا أتى بك إلى تونس في هذه الظروف؟ قال جئت أحمل مشروعا إنمائيا متقدما وراح صاحبي يشرح لي مشروعه الضخم وهو باختصار يتكون من بناء مساكن جماعية ومدارس وتأسيس شركات سياحية إسلامية لكي نستغني عن شركات السياحة الغربية الإباحية، وصلنا إلى ليبيا الزنتان وطلبنا كما قال من الإخوة هناك نزع ملابسهم الميدانية وعدم الظهور المسلح لكي يطمئن الناس إليكم وسوف نقوم بمشاريع ضخمة في الزنتان وأماكن أخرى قلت أنتم بفعلكم هذا في ليبيا تعملون من أجل تفكيك وحدة الوطن الليبي، ومن أجل أن تنفون عن أنفسكم تلك التهمة عليكم الاتصال والتعاون مع الحكومة المركزية في طرابلس، إن الاتصال بجماعات معينة أمر غير مقبول والإسلام عامل توحيد لا تفكيك وتجزئة. إن ما تعملونه في تونس تستعدون العالم عليكم وعلى مشروعكم، تونس لها ارتباطات ثقافية مع الغرب ولها ممارسات حزبية حتى قبل الاستقلال فلا يمكن في لحظة تاريخية تلغون كل ذلك الموروث. إني أدعوكم إلى إسلام الوحي المبني على النص الخالص فإن دائرة المباح تتسع في ظله وتنكمش دائرة الإلزام ويرتفع سقف الحرية واحترام العقل الإنساني دون أن يخل ذلك بحرارة الإيمان. إن إسلام الفقه الذي تقدمونه معشر السلفيين مبني على التاريخ الذي بدوره تنقص دائرة المباح وتتسع دائرة الإلزام وتتسع دائرة الخوف من الحرية واستخدام العقل دون أن يزيد ذلك من حرارة الإيمان. عليكم أن تدرسوا حال الحركة الإسلامية في الجزائر في الربع الأخير من القرن الماضي وأسباب فشلها، والحركة الإسلامية في السودان، وحركة حماس في غزة وتعثر طريقها، إن إسلام أهل المدينة هو الأفضل اتباعه في أيامنا لا إسلام أهل مكة. افترقنا على أن نعود إلى مزيد من الحوار في قادم الأيام. لكن الذي هالني في تونس وزاد في خوفي على نجاح التجربة التونسية الرائدة أن أتباع الفكر السلفي هناك يسيرون بوعي أو من دون وعي إلى الاصطفاف مع دعاه " الفرنكفونية " في تونس لإعاقة أي إنجاز في بناء مؤسسات الدولة التونسية على أسس ديمقراطية ولكل منها مشروعه بالاستحواذ على السلطة بحجة أن الثورة اختطفت منهم. أما العلمانيون فبدورهم كما سمعت يحشدون صفوفهم لتحجيم مشروع " حركة النهضة " الحزب الفائز بالانتخابات بقصد تحجيم دورهم في مشروع صياغة الدستور وبناء الدولة الحديثة في تونس. وأخشى أن يعصف السلفيون والفرنكفونيون بحزب النهضة وجمهور العلمانيين، فهل يتحد الجميع من أجل تونس الوطن والدولة.