17 سبتمبر 2025

تسجيل

هل ستنخفض أسعار الفائدة في 2024؟

28 يناير 2024

شهد مطلع العام الجديد جدلاً واسعًا في وسائل الإعلام، تعليقًا على مدى خطأ توقعات الاقتصاديين الذين أدلوا بها خلال العام السابق. وفي الفترة من ديسمبر 2022 إلى يناير 2023، رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى أسعار الفائدة بشكل تدريجي من الصفر إلى حوالي 5 %. وأدى ذلك إلى صدور تحذيرات من أن خفض التضخم إلى المعدل المستهدف البالغ 2 % مع الارتفاعات الحادة في أسعار الفائدة بعدما كانت تقترب من معدل الصفر قد يؤدي إلى حدوث الركود مع تفكيك سياسات التيسير الكمي «Quantitative easing». وأشار الاقتصاديون إلى أن منحنى العائد المقلوب «Inverted yield curve» المقترن بارتفاع أسعار الفائدة من المؤشرات التي تميل إلى أن تكون مقدمة لحدوث الركود. لكن المؤشرات الأخرى كانت تظهر اتجاهات أكثر إيجابية، ويبدو أنه تم التقليل من أهميتها أو التغاضي عنها. ووصلت نسبة الاقتصاديين الذين توقعوا حدوث الركود في أحد الاستطلاعات خلال شهر ديسمبر 2022 إلى 85 %. وكان من المتوقع وصول نسبة البطالة في الولايات المتحدة إلى 5.5 % بحلول نهاية عام 2023. ومع ذلك، بلغ معدل البطالة العام نسبة 3.7 %، وهو نفس المعدل الذي كان مسجلاً قبل 12 شهرا. ولم تتجنب الولايات المتحدة الركود فحسب، بل إن معدل نموها بلغ 3 %، وهو معدل مرتفع نسبيًا وفقًا للمعايير التاريخية. وهذا أمر مهم بالنسبة لعملية صنع السياسات الحالية، لأن تجنب الركود قد يعني أن أسعار الفائدة لا ينبغي خفضها قريبا. وكان جاي باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، قد أشار إلى أن أسعار الفائدة بلغت ذروتها، لكن المؤشرات تشير إلى أن قرار خفضها ليس وشيكًا، ويبحث صناع السياسات عن إشارات أوضح تشير إلى تراجع الضغوط التضخمية. وفي شهر يناير، أشارت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، إلى أن أسعار الفائدة لن يتم تخفيضها قبل فصل الصيف. وحتى وقت قريب، كان العديد من الاقتصاديين يتوقعون حدوث تخفيضات متتالية محتملة في أسعار الفائدة خلال عام 2024 قد تبلغ سبعة تخفيضات، وهو ما قد يصل بأسعار الفائدة إلى أقل من نسبة 4 ٪. والآن، يبدو أنه من المحتمل حدوث حوالي ثلاثة تخفيضات، ربما في النصف الثاني من عام 2024. وقد أكد جيتا جوبيناث، النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي، على ذلك في قمة دافوس بتاريخ 17 يناير، عندما قال إن البنوك المركزية يجب أن تتحرك بحذر. وأعتقد أن صندوق النقد الدولي والبنوك المركزية الأمريكية والأوروبية على حق في حكمها. فقد كُبح جماح التضخم مع تجنب الركود، وبالتالي تُعد تركيبة السياسات الحالية ناجحة. وفي حال خفض أسعار الفائدة قريبًا، فقد يعود التضخم إلى الارتفاع، وهو ما قد يدفع إلى حدوث المزيد من الارتفاعات في أسعار الفائدة، ووصولها ربما إلى مستوى أعلى. ويمكن أن يحدث التضخم بسبب صدمات سلسلة التوريد، وكذلك السياسة النقدية وعوامل أخرى. وكان هذا هو الحال في عام 2022 عندما ارتفعت أسعار الحبوب بشكل حاد نتيجةً للصراع الأوكراني الروسي الذي أثر على طرق التصدير في البحر الأسود. وقد خفت حدة هذا الضغط، لكن الهجمات التي شنها الحوثيون على الشحن في البحر الأحمر هذا العام تؤثر على طريق تجاري مهم آخر يزيد من تكاليف الشحن البحري. وقبل حدوث الارتفاعات المتتالية في أسعار الفائدة مؤخرًا، كان لدينا أسعار فائدة قريبة من الصفر لمدة عقد. وأثناء هذه الفترة شهدنا تخصيص كبير لرؤوس الأموال في أصول محفوفة بالمخاطر، لأن العائدات من السندات وحسابات الادخار كانت منخفضة للغاية. وفي ظل هذه الظروف، بقيت شركات الزومبي على قيد الحياة. ولذلك، ساعدت المعدلات المرتفعة لأسعار الفائدة على إعادة تخصيص الاستثمارات إلى الشركات القوية. وبالإضافة إلى ذلك، لا يُعد المستوى الحالي لأسعار الفائدة مرتفعًا بالمعايير التاريخية. وكانت الحجج المؤيدة لإدخال المزيد من التخفيضات القوية في أسعار الفائدة تتلخص في أن الركود سيكون ثمنًا باهظًا للغاية لخفض التضخم إلى هدفه البالغ 2 %. والآن يقترب التضخم من هذا الهدف دون حدوث ركود. وربما كان هناك بعض الحظ في حدوث هذا الأمر، مثل بقاء أسعار النفط منخفضة، ولكن هذا يعني أن السياسات الحالية صحيحة.