28 أكتوبر 2025
تسجيلقام فور سماعه للحكم الصادر من محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل ورقص وشجع من حوله من موظفيه لمشاركته الرقص والفرحة التي شعر بها حين أقر أعضاء المحكمة بأن إسرائيل مذنبة نوعا ما فيما يجري في قطاع غزة وأن عليها اتخاذ التدابير اللازمة لمنع الإبادة الجماعية التي قامت عليها دعوى جنوب إفريقيا ضدها، ووزير العدل الإفريقي اعتبر هذا انتصارا لدولته ومناصرته للحق لا سيما وأن ما خلصت له المحكمة أزعج تل أبيب كثيرا واعتبرتها معاداة للسامية واعتداء على الشعب اليهودي الأكثر أخلاقا وإنسانية في العالم، مما دعاه للتعبير عن هذه الفرحة بالرقص امام الكاميرات التي نقلت المشهد كاملا رغم الخيبة الكبيرة في عدم تضمين الحكم الابتدائي للمحكمة وقفا فوريا لإطلاق النار، وهذا كان جزءا كبيرا من أساسيات الدعوى التي تجرأت كيب تاون ورفعتها ضد الكيان المحتل الإسرائيلي المجرم في سابقة لاقت استحسانا عظيما من شعوب العالم الحر التي كانت تنتظر خطوة مثل هذه بعد شهور من المجازر والإبادة التي ما كان للمحكمة أن تتردد في وصفها بهذا الوصف المباشر وإلصاقها بإسرائيل واتهامها بها بشكل محدد لأن هذا هو ما جرى ولا يزال يجري واقعا في قطاع غزة المحاصر قتلا وجوعا وبردا ومرضا وأوبئة. بالنسبة لنا كشعوب عربية تنظر لما يحدث في غزة على أنه إجرام كامل ومجازر دموية بشعة بحق إنسانية شعب أعزل ومدني غير مسلح وليس له طحين في طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر من العام المنصرم ولا قمح، فإننا حقيقة اعتبرنا ما صدر عن محكمة العدل الدولية التفافا على الحقيقة الواضحة ومحاولة مجاراة الحق ولكن بطريقة ملتوية وجانبية وليس في الطريق الواضح والمباشر، فكل الأدلة والبراهين الدامغة التي قدمتها جنوب إفريقيا ودعمتها بها كل من تركيا وفنزويلا وكوبا لتغذية الدعوى بكل ما يمكنه أن يجعلها دعوى حقيقية وقائمة على ما لا يمكن نكرانه أو تجميله برقعة قانونية متلونة كانت كفيلة بأن تجعل من رئيسة القضاة للمحكمة أن تصدر موقف المحكمة وقرارها الفاصل في القضية وليس حكما ابتدائيا يقوم على إمهال العدو الإسرائيلي شهرا من الزمان لإثبات عكس ما جاء في صحيفة الدعوى، وكان على المحكمة أن تعلن قرارها بوقف إطلاق النار العشوائي والذي يستهدف أطفال ورُضع ونساء وشيوخ ورجال غزة من المدنيين العُزل، وكان يمكن لإسرائيل التي ارتابت كثيرا من هذه الدعوى القوية التي واجهتها في عدوانها الآثم على القطاع من دولة كانت حتى قبيل الحرب على صلة دبلوماسية واقتصادية معها فلم تُجابه من أي دولة عربية ليست ذات صلة معها أو تربطها علاقات من أي نوع معها أن تقف طويلا أمام حكم لو صدر في إلزامها بوقف إطلاق النار فورا خصوصا وأنها حضرت الجلسات وكان لديها فريق دفاع كبير من أعضاء قانونيين لهم باع طويل في المحاكم، وهذا يدل على أن تل أبيب قد أخذت شأن هذه الدعوى على محمل الجد حتى حين إصدار القرار الذي كان يمكنه أن يغير من مسار الحرب على غزة فيما لو صدر بالصورة التي كنا نتمناها جميعا وإن كان ما وصلت له المحكمة يوم الجمعة الماضي قد جعل من نتنياهو متجهما لدرجة أنه طلب من أعضاء حكومته عدم الإدلاء بأي تصريح أو تعقيب على قرار المحكمة الابتدائي الصادر بعد سلسلة من المطبات السياسية التي أوقعته بها سلسلة من التصريحات غير المسؤولة لوزرائه الحمقى الذين غلبتهم دمويتهم وإجرامهم على كل مفهوم للإنسانية التي يحاولون أن يلصقوها بهم وبكيانهم عبثا في دعوة منهم صريحة لقتل أهل غزة بقنابل نووية وآخرون طالبوا بتهجير أهل غزة لأي دول عربية تأويهم وإنشاء مستوطنات وملاه وأندية بدل القطاع، بينما عمد آخرون لإثارة غضب نتنياهو بالقول إن قتل الأطفال واستهداف الرضع هو مغزى الحرب على القطاع وإن جنودهم إنما يبحثون عن هؤلاء لقتلهم وسلخ جلودهم وعليه يبقى ما قيل وما تكنه هذه النفوس المريضة والمتعطشة لدماء أشقائنا في غزة والضفة هو الحقيقة التي أغمضت المحكمة عينيها عنها رغم سطوع حقيقتها كاملة وربما ما كان يكون البداية التي نأملها في تجريم هذا الكيان لنرقص بعدها مع أصدقائنا في جنوب إفريقيا رقصة الفوز بإذن الله.