28 أكتوبر 2025
تسجيلاعتماد سياسات لتعزيز التعليم والصحة للعام الرابع على التوالي تطلق المؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد الدولي صيحاتها بوجه نادي الأغنياء في دافوس مطالبة إياهم بالالتفات بصورة أكبر إلى ما يحيطهم من بحيرة مليئة بالدول الفقيرة والمحتاجة، بل وحتى وسط الدول الصاعدة هناك فئات كثيرة مهمشة ولا تطولها فوائد التنمية. وصيحات هذه المؤسسات لم تأت من فراغ، فهي الدرس الأول الذي تعلمته من التحركات الجماهيرية التي عمت الكثير من الدول ومنها بعض الدول العربية قبل سبع سنوات. فهذه التحركات جاءت على خلفية جملة من الأسباب في مقدمتها نماذج التنمية المشوهة أو القاصرة التي لا يستفيد منها إلا فئات قليلة من المجتمع. وبالتالي لا بد من استبدالها بنماذج تنمية اجتماعية أو احتوائية للجميع. مما يدعم هذه المطالبات تلك الإحصائيات التي أعلنت عنها منظمة «أوكسفام» الأسبوع الماضي من أن 82% من الثروة التي تحققت في العالم العام الماضي انتهت بين أيدي الأكثر ثراء الذين تبلغ نسبتهم 1%. وبحسب تقرير المنظمة فان 3.7 مليار نسمة؛ أي 50% من سكان العالم، لم يستفيدوا من النمو العالمي العام الماضي، بينما هناك 42 شخصًا تبلغ ثرواتهم ما يوازي ثروة 3.7 مليار شخص، يشكلون النصف الأكثر فقرًا في سكان العالم. ويقول تقرير لصندوق النقد الدولي صدر الأسبوع الماضي إن الإصلاحات هي مفتاح معالجة المشكلات الجوهرية التي تثقل كاهل الكثير من بلدان المنطقة منذ وقت طويل - والتي تتمثل بمعدلات النمو المنخفض والبطالة المرتفعة والفساد المستشري ، لكن على الحكومات، وهي بصدد تنفيذ الإصلاحات، أن تتأكد من أنها متوازنة اجتماعياً وتسير في تسلسل ملائم؛ والأهم من ذلك كله أن تساهم هذه الإصلاحات في تأمين حياة أفضل ينشدها الجميع، وخاصة الفقراء منهم ومحدودي الدخل. وهذا هو التحدي الأهم الذي يواجه المنطقة اليوم. إن المخاطر الناجمة عن تزايد عدم المساواة هو موضوع يتصدر الآن جدول أعمال السياسات العالمية. فجميع الدول ترغب بالنمو الاقتصادي. ولكن هذا النمو يجب أن يكون احتوائيا أي أن يوفر الوظائف للمواطنين - فهي أساس الشعور بالالتحام مع المجتمع والشعور بالكرامة. كما يجب أن يسهم في تساوي الفرص المتاحة للمرأة والرجل للمشاركة في الاقتصاد. وأن تطول فوائده الفئات الفقرة والمتوسطة. كذلك يسهم في الاحتواء المالي، فهو ما يحدث فرقا في نتائج الاستثمار والأمن الغذائي والصحة. وأن يحقق اقتسام ثمار النمو، ليس فقط بين أبناء هذا الجيل بل مع الأجيال القادمة أيضا. النمو الاحتوائي يتطلب توفير عدد من الآليات. فهو نمو قائم على مبدأ مشاركة كافة أطياف المجتمع فى جهود التنمية وفى جنى ثمارها بحيث يشعر به الجميع، وهو نمو احتوائى يدمج ما بين معدلات النمو المرتفعة والبعد الاجتماعي الذي يرتبط بعدالة توزيع الفرص بين المواطنين والأقاليم الجغرافية. كما تتمثل سياسات النمو الاحتوائى فى شبكات الضمان الاجتماعي بحيث تلبى احتياجات الأطراف الخاسرة من الإصلاحات لاسيما رفع الدعم عن الطاقة وتوفر لها قدرا من الأمان. كما يمكن للحكومة تقديم تأمين على الأجور للعمالة التي يتم تسريحها وتعمل فى وظائف بديلة أقل أجرا، كما يمكنها إمداد أصحاب الأعمال بدعم على الأجور لتعيين العمالة المسرحة. ويركز النمو الاحتوائي على اعتماد سياسات تعزز فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية لجميع طبقات المجتمع، من أجل تحقيق المزيد من المساواة فى الفرص. وبنفس الوقت يعمل على تنويع مصادر دخل الاقتصاد من أنشطة مستدامة قابلة للنمو والاستمرارية.