26 أكتوبر 2025
تسجيلفي الوقت الذي تسعى فيه الكيانات الاقتصادية في العالم لاحتواء أزمة ديون اليورو التي دخلت مرحلة تفاقمية، ومع فشل جهود الإصلاح في إنقاذ عملة اليورو من الانهيار، فإن بوادر أزمة جديدة تلوح في الأفق، وهي تأرجح أسعار النفط بين الصعود البطيء والهبوط الكبير. ورغم جهود الإصلاح الاقتصادي التي تقدمها دول الاتحاد الأوروبي لإنقاذ بعض الدول مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا إلا أن الدعم المالي للبنوك المتضررة لا يزال غير قادر فعلياً على احتواء تداعيات الأزمة.وسأتحدث هنا عن خطة الإنعاش الأوروبية التي تحدث تأثيراً مرضياً للدول الأعضاء في اليورو، فقد ضخ البنك المركزي الأوروبي تريليون يورو لإنعاش اقتصاد اليورو، ويسعى لشراء سندات حكومية بقيمة 50 مليار يورو حتى 2016، بهدف إعادة الإنعاش إلى العملة.يفيد البنك الأوروبي بأن عملية التسهيل الكمي كما أطلق عليها بشراء ديون الحكومات إلى خفض تكلفة الإقراض، كما يبحث البنك أيضاً سبل تشجيع الإنفاق للشركات والأفراد.وتعد استثمارات البنك الأوروبي وسيلة مضمونة لجمع الأموال لسنوات طوال، وتأتي ضمن خطط التحفيز التي بدأتها اليورو منذ أزمة الانهيار في 2008.ومع تولي الحزب المعارض للتقشف في اليونان فإن جهود الاحتواء لإنقاذ اليونان من الانهيار ستكون على المحك، خاصة مع تحذيرات وكالة التخفيض الائتماني بخفض التصنيف الائتماني لليونان لكونها تتجه نحو الأسوأ.أما بوادر أزمة النفط فهي تطل برأسها في الأسواق العالمية خاصة المال والعملات، حيث يتوقع خبراء السوق النفطي أن ما يعتري الوضع الراهن من أسعار سيأخذ طريقه إلى الصعود وتحقيق التوازن في السوق العالمي.وتعتبر أزمة أسعار النفط مقلقة للكثير من اقتصادات الدول، فالكثير من الكيانات المتقدمة ستتعرض لتداعيات النفط، إضافة إلى ما يواجهها من اضطرابات سياسية واقتصادية ومالية. فالتعافي الذي يراه الاقتصاديون ما زال متأرجحا بين الانكماش والانفتاح على السوق، ومع مرور سنوات على الأزمة المالية، فلم يحدث تغير في الإصلاحات الاقتصادية أو في تمويل المشروعات، أو حتى تراجع مستويات البطالة. فمثلا الاقتصاد الأمريكي لا يزال يكافح للتعافي سعياً للتخلص من البطالة والمشكلات الاقتصادية المتفاقمة.الأوضاع الاقتصادية الجارية لا تأخذ صفة الاستقرار، إنما مرتبطة في الفكر الاقتصادي بمدى قدرة الوضع الحالي على اجتياز الأزمات، وكل ما يرتبط بالعملات والأسواق والأسهم هو معرض دون شك لمخاطر التذبذب.فقد طفت على السطح قضايا ملحة، مثل الأزمة الغذائية والتغير المناخي والديون المتراكمة وخلل الاقتصاد العربي والبطالة والإصلاحات الاقتصادية وتراجع النظام المالي العالمي.وانطلاقاً من الشعور الجماعي بدأت الدول تنحو إلى إيجاد أسواق بديلة تفتح بوابة الاستثمار البناء، وعقد شراكات بين مؤسسات وشركات، واستلهاماً لتجربة نجاح مبادرات الحكومات الآسيوية التي حفزت مؤسساتها بالمزيد من الشراكات.فالاقتصاد على مفترق طرق بين الركود والتعافي من أزمة تفرز آثار ذات انعكاس سلبي ومرحلي على مختلف أوجه الحياة الاقتصادية.فقد تحولت تداعيات الانهيار المالي إلى معضلة اقتصادية حقيقية، لأن آثارها امتدت إلى المؤسسات المالية والمصرفية والإيرادات العامة للدول، وأدت إلى خلخلة في أنظمتها الاقتصادية والصناعية، وكما هو معروف أن المال عماد الاقتصاد للكثير من المؤسسات الصناعية الحديثة.وقد أوضحت في مقال سابق أن مفهوم المعضلة الاقتصادية، يعني السعي الدؤوب إلى تحسين الموارد المتوافرة لدى الدول للخروج من أزمة اقتصادية خانقة، ولكن على مستوى العالم فإن فعالية استعمال الموارد يبدو ناقصاً لأن الخسائر ناجمة عن سوء التنظيم وسوء الاستغلال الأمثل للموارد، أدت إلى الهبوط بمستوى الرفاهية للسكان.وفي رأيي أن الحل يكمن في التفكير المنهجي لمشكلة اليورو، وأن المخاوف والقلق بشأن اتساع هذه الهوة، يعود إلى الوقوف أمام المشكلة دون الغوص في أعماقها لحلها، والجميع يسعى للتشخيص بينما هي في حاجة للمبادرات أكثر من أي وقت مضى، فالتعافي ليس بالشكل المرضي إنما قد يحفز على إعادة تقييم الوضع الراهن.وبالنسبة لأزمة النفط فإنه يتطلب من الدول تحفيز النمو في مصادر الدخل الأخرى، لتكون بديلاً لإنقاذ اقتصاداتها من التهاوي الذي يحدث في السوق اليوم، إضافة إلى تعزيز النمو في قطاعات يزداد الطلب عليها في السوق مثل التقنية والخدمات والبنية التحتية.