12 سبتمبر 2025

تسجيل

من يتحمل فشل التدريب في المنظمات الحكومية؟

27 ديسمبر 2023

خلال عملي في مجال التدريب الإداري والتنظيمي لسنوات لعديد من المؤسسات الحكومية والمنظمات العامة لاحظت أن هناك خللا في ثقافة التدريب والدورات التدريبية التي تقدم كوسيلة لتطوير موظفي القطاعات الحكومية، فالتدريب يقدم للموظفين لغرض أسمى وهو تطوير المهارات الوظيفية والمعارف العلمية وغربلة القناعات السلبية التي لا تخدم الموظف في تطوير ذاته. وأورد هنا شيئاً وجيزاً من تلك الملاحظات لعلٌها تساهم في علاج القصور في مؤسساتنا وعقلية أفرادنا وموظفينا في المؤسسات العامة الخليجية تجاه مفهوم التدريب والدورات التدريبية. فمنها ما يتعلق بعدم وجود علاقة وثيقة بين الدّورة التّدريبية المقدمة للموظفين وبين العمل الذي يقوم به الموظف وذلك نتيجة للقصور في دراسات الاحتياجات التدريبية، إذ تتوجّه بعض من المؤسسات الحكومية إلى عقد دورات تدريبية للأفراد الموظفين فقط لمجرّد استهلاك وصرف الميزانيّة الخاصّة بالتدريب، بغضّ النظر عن أهمية تلك الدورات ومدى فائدتها ومدى موافقتها لسد الفجوة التدريبية. ومن هذه الملاحظات إهمال الجانب العملي لدى بعض المدربين والمحاضرين، فأحيانا يتم اختيار المدربين أو المحاضرين دون النظر إلى البعد المعرفي أو البعد الخبراتي المنطلق من المعرفة حول موضوع الدورة التدريبية، وما ذاك إلا للمحسوبيّة في اختيار المدربين أو لخلل داخل المؤسسات العامة في منهجية اختيار المدربين والمحاضرين. ومن الملاحظات أيضاً ما يتعلق بالمتدربين، فمنهم من يعاني من عدم وجود الرّغبة في التعلم والتطور، وذلك يعالج بربط العمل والاستمرار بالوظيفة بشرط التطوير المعرفي والمهاراتي المستمر للموظف مما يخلق لديه نوعا من الالتزام نحو التدريب، وتكون الجدية هي سمة المتدرب، وممكن أن يكون هنا دور للمدرب في خلق روح الإيجابية والانتعاش المعرفي في نفوس المتدربين عن طريق تطوير مهاراته الخاصة في صناعة «التدريب المشوق». فمن المدربين من يعجز عن إيصال المعلومات أو تنمية المهارات لدى الموظفين بطريقة مشوقة ومعمقة بنفس الوقت ويثري النقاش مع المتدربين ولذلك قد تحدث فجوةٌ كبيرة بين المُدرّب والمتدرّب ويهدم ما تهدف إليه الدّورة التّدريبية. وهناك من الأسباب ما يتعلق بقصور العملية التدريبية وبسوء المادة التدريبية وإعدادها وتصميمها وتركيزها على الحشو غير المفيد، حيث تفتقر بعض الدورات التدريبية إلى منهجية التطوير للمعلومات المقدمة فيها والمهارات التي يتم تعليمها وإكسابها للمتدربين. ومن ذلك أيضاً ضعف العملية الرقابية للتدريب ككل، ابتداءً من تحديد الاحتياجات التدريبية وانتهاء بعقد الدورة التدريبية، ونلاحظ أحيانا عدم اهتمام المشرفين والقائمين على التّدريب من قبل بعض المؤسسات الحكومية بالتدريب والمتدرّبين. وهنا لا أريد أن أقسو كثيراً على المدرب والمتدرب وأنسى أن للأجهزة الحكومية دوراً في بناء أو هدم منظومة التدريب، فعندما ينعدم الشعور بالأمن الوظيفي وأعني به شعور الانتماء للمؤسسة وعندما يضعف هذا الشعور ويزيد الإحساس بعدم العدالة التنظيمية وعدم إيصال الكفاءات للمناصب العليا وسوء بيئة العمل وتصميمها وضعف التحفيز المعنوي والمادي، يكون هنا العتب على تلك الأجهزة وعليها مراجعة أدائها مما يجعل منظومة تدريب موظفيها تكون على أحسن ما يرام.