10 سبتمبر 2025

تسجيل

ليس شرطاً أن تحب وظيفتك

14 أغسطس 2024

في أحد البرامج التدريبية التي أقدمها لعديد من القطاعات الحكومية والخاصة سألني أحد المتدربين قائلاً: هل يجب أن أحب وظيفتي وأن أشعر بالسعادة في العمل حتى أنجز بشكل أكبر ؟ فقلت: لا، لا يجب عليك أن تحب وظيفتك لتنجز بشكل أكبر، فنحن نفعل ما نكره من أجل ما نحب، قد تكون الوظيفة مكروهة لكن نفعلها لأمور ودوافع أخرى نحبها مثل العائد المالي العالي، أو البريستيج أو الوجاهة الاجتماعية وغيرها. ولكن مع ذلك، فلا بأس أن يحاول الموظف النظر بإيجابية لبيئة عمله، وأن يبحث عن طرق لإذابة جليد هذا الشعور السلبي وأن يصنع شيئاً من عوامل السعادة في بيئة العمل، وهذا الأمر يقع بنسبة أكبر أيضا على عاتق المؤسسة والمنظمة، فإن الحالة النفسية المتدهورة للموظف لا تؤثر على سعادة الموظف فحسب، بل تؤثر على أداء المؤسسة بأكملها.. فأعلم أن الموظف بدون الحوافز النفسية والمعنوية كبيئة العمل الجذابة بلا صراعات مهلكة لن يُبدع أبدًا في عمله، ولن يحقق الإنجازات المطلوبة منه. وقد أشارت بعض التقديرات إلى أن حوالي 15% من العاملين يعانون من حالات نفسية سيئة داخل بيئة العمل. وقد دلت أيضًا إحدى الدراسات التي أجريت لقياس العلاقة بين الوضع النفسي وحوادث العمل، أن حوالي 90% من حوادث العمل التي تصيب العامل تقع وهو في حالة انفعالية حادة من اكتئاب أو قلق أو ضيق. لذلك أصبحت العناية بصحة الأفراد النفسية موضع اهتمام علماء النفس بعد ما تبينت العلاقة بين صحة الأفراد النفسية وإنتاجيتهم في بيئة العمل، وقد أشارت بعض الإحصائيات أن سوء الحالة النفسية للموظفين في الشركات والمؤسسات تكلف الاقتصاد العالمي نحو تريليون دولار أمريكي. وتعدد الأسباب التي تؤدي إلى سوء الحالة النفسية للموظف ونذكر منها؛ أعباء العمل المتزايدة، وانعدام الأمان الوظيفي، والعائد المادي الضعيف، وعدم امتلاك المهارات الكافية للعمل، وتسلط رؤساء العمل، وعدم العدالة، وضعف الاستثمار في التطوير الوظيفي، ونقص الترقيات، وغيرها من الأسباب التي تؤدي إلى اضطراب الصحة النفسية لدي الموظفين. والموظفون السعداء والذين يتمتعون بصحة نفسية جيدة؛ هم دائمًا أكثر تركيزًا وفاعلية وإنتاجية من غيرهم، وهم قادرون دائمًا على اتخاذ القرارات وطرح أفكار ورؤى جديدة، وهم أقل أخطاءً من غيرهم، وأكثر انتماء لشركتهم، وهو يشعرون دائمًا بالرضا عما يقومون به من أعمال، ويشعرون بتقدير الغير لهم، وهم أيضًا أكثر تعاونًا، ويساهمون في تحقيق أهداف الفريق. والمؤسسات التي تهتم بالصحة النفسية لموظفيها هي مؤسسات تحقق مكاسب عديدة منها، اكتساب السمعة الطيبة من خلال جذب المواهب من الموظفين والاحتفاظ بها، وتحقيق الأرباح العالية، وانخفاض التكاليف؛ فاستبدال الموظفين يتطلب تدريبات وتكاليف جديدة. بناءً على ما سبق فإن الاهتمام بالصحة النفسية للموظفين في بيئة العمل لم يعد شيئًا ثانويًا، ولكن أصبح ضرورة قصوى إن رغبت الشركات والمؤسسات في الحفاظ على موظفيها والرفع من أرباحها، فهو استثمار ذكي ومفتاح حقيقي لنجاح المؤسسة على المدى الطويل.