10 سبتمبر 2025

تسجيل

المدير وطوفان التغيير د. جاسم الجزاع

24 يوليو 2024

قالها ودموعه تنهمر من عينيه: «نحنُ لم نفعل أي شيء خاطئ، ولكن بطريقة ما خسرنا». هكذا قال الرئيس التنفيذي لشركة «نوكيا» في المؤتمر الصحفي الذي تم الإعلان فيه عن شراء مايكروسوفت لشركة نوكيا. فعلى الرغم من المكانة الكبيرة التي حققتها شركة نوكيا في عالم التكنولوجيا والهواتف المحمولة في العقود الماضية، إلا أنها شهدت في السنوات الأخيرة فشلًا ذريعًا وتراجعًا مُدويًا؛ بسبب عدم قدرتها على مواكبة التطورات التكنولوجية ومُسايرة التغيرات في سوق الهواتف المحمولة. فأصبحت قصتها قصة فشل تُدرس في فصول إدارة الأعمال في المعاهد والجامعات !. فالمعلوم من علوم الإدارة بالضرورة أن بيئات الأعمال ليست مستقرة أبداً، وإنما يعتريها التغيير تلو التغيير، فالمنظمات باتت تواجه تحديات كبيرة، وعلى رأسها زيادة حدة المنافسة في السوق، والانفجار في الثورة التكنولوجية ومدى تذبذبها، والعديد من التغيرات الخارجية. حتى أننا اليوم نرى أن المنظمات التي فضلت بقاء الأوضاع على ما هي عليها، ورفضت الابتكار، وعجزت عن مسايرة التغيير كان مصيرها مع مرور الوقت الركود والتآكل، وكتبت شهادة وفاتها بنفسها إلى الأبد وخروجها من الميدان التنافسي. وعلى الرغم من حتمية وضرورة التغيير إلا أن الناظر الى حال بعض المنظمات يجد أن قياداتها تعتريهم معارضة شديدة لمواكبة طوفان التغيير، ولذلك عدة أسباب منها: الخوف من الجديد، والارتياح لكل ما هو قديم، كما أن التغيير يتطلب مخزون مهارات جديدة، قد لا تكون متوفرة لدى القياديين الحاليين، وأيضاً القلق الدائم من خسارة المركز الإداري والمنصب والنفوذ داخل المؤسسة، أو خسارة القيادي لأصدقائه وزملائه في العمل. وكل ما سبق يتعلق بالجانب النفسي للقيادي. أما من جانب التنظيم والمؤسسات فقد ترجع إلى خوف إدارة وقيادة المنظمات من الفشل، بسبب فشلها في تجارب سابقة، أو عدم استفادتها من فشل المنظمات الأخرى، وقد ترفض المنظمات التغيير بسبب غرور قياديها بنجاحها كما حدث مع شركة نوكيا، أو عدم تأكدها من نتائج التطوير وتكلفته العالية. أو قد يكون شعور قيادي المؤسسة بالارتياح من الوضع الراهن وثقتهم الزائدة في كوادرها وهياكلها التنظيمية سببًا في رفضها للتغيير والتحديث. ولكي تحافظ المنظمات على موقعها التنافسي لابد من خلق بيئة عمل تشجع على التغيير والتطوير، مع الاهتمام بمخاوف الموظفين وتوفير الدعم لهم خلال فترة التغيير من خلال التدريب والتوجيه، مع التحلي بالصبر، لأن عملية التغيير تستغرق وقتًا وزمناً وإلى سياسة النفس الطويل. المدير وطوفان التغيير