12 سبتمبر 2025
تسجيلتنتشر في الدول الريعية ظاهرة البطالة المقنعة، وهي باختصار سوء إدارة الموارد البشرية، فتجد خمسة موظفين يعملون بإنتاجية شخص واحد. وللبطالة المقنعة عدة أسباب، منها سوء التخطيط الإستراتيجي والحالة المعنوية للموظفين والاستحقاق. والاستحقاق هو شعور صاحب الوظيفة بأن الراتب الشهري حق من حقوقه وأنه جزء من إعادة توزيع الثروة التي تملكها الدول الريعية من دون بذل الجهد المطلوب. ينتج عن هذه النظرة تدهور في أداء الكادر الوطني وبالتالي يزيد الطلب على الموظف الأجنبي. وبطبيعة الحال سوف يسبب ذلك ضررا على الاقتصاد الوطني بسبب تحويلات الموظفين الأجانب، ففي المملكة العربية السعودية وحدها، تفوق التحويلات الخارجية السنوية حاجز ال100 مليار ريال سعودي. الأمر الغريب في ظاهرة اللامبالاة التي يتّسم بها الموظف المستحق هي بلادة الشعور بالمسؤولية تجاه نفسه ووطنه وحتى دينه. فالدين حث على الإحسان في العمل، كما ورد عن النبي صلى الله عليه في حديث عائشة رضي الله عنها (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه). إن للعمل لذة لا يعلمها إلا من أخلص العمل لله والوطن، وقد ذُكر عن الأمير أحمد ابن هارون الرشيد أنه كان يتأمل حمالاً من شرفة القصر، ينقل بضاعته على حماره من السوق الى القصر طوال اليوم بجد واجتهاد. فأثار ذلك فضول الأمير أحمد الذي استدعى الحمال وعرض عليه أن يبقى في قصر الأمير ولكن بشرط أن لا يعمل. فرفض الحمال العرض رفضاً قاطعاً معللاً ذلك بأنه سعيد بعمله الشاق. فقرر بعدها الأمير أحمد الخروج الى البصرة من دون مال أو خدم ليكسب بعرق جبينه. وقد عاش عامل بناء في البصرة حتى توفي من دون ان يعلم أحد أنه ابن الخليفة. وفي الخاتمة، يجب أيضاً على المسؤولين تهيئة البيئة المُثمرة للموظفين والاستثمار في تدريب وتطوير أهم موارد الدولة وهو المورد البشري.