17 سبتمبر 2025

تسجيل

عـام اكتفـى ومضى وانقضـى

27 ديسمبر 2020

وانتهى عام 2020 أو كاد أن ينتهي، لا يهم لكن الحقيقي أن هذا العام يلوح بيده مودعاً مبتسماً بخبث ويرانا ونحن نغلق الباب خلفه بقوة. انتهى هذا العام الذي يمكن أن نجزم فيه بأننا لم نجد فيه ما يبهجنا لا على النظير السياسي ولا الاقتصادي ولا حتى على المستوى الصحي، الذي يكاد يكون أكثر النواحي تأثراً به مع اجتياح فيروس كورونا العالم وظهور سلالة جديدة منه على نهاية هذا العام الذي يصر على الرحيل وإهداء خلفه العام القادم ما يمكن أن يجعلنا نتذكره بكثير من التحسر والقهر لا سيما وأن معظم الناس ورغم وصول اللقاح الناجع لهذا الوباء إلا إن البعض لا يزال يشكك به ويراه غير مفيد أمام هذه الطفرة التي ظهرت مع نهايات هذه السنة الكئيبة فعلا!. ورغم أنني لا أؤمن بمبدأ التفاؤل والتشاؤم ولا يمكن لهذا الاعتقاد أن يكون لدى أي مسلم باعتبار أننا نؤمن بأقدار الله وإن كل ما يمكن أن يحصل وما حصل وسيحصل مستقبلا إنما هو مكتوب ومقدر من رب العالمين، فإنه لا يمكن لأحد في هذا العالم أن يقر بأن عام 2020 كان عاماً سيئاً وعلى كل المقاييس. وبالنسبة لنا عربياً فهو بلا شك ليس الأسوأ ولكن يمكن أن نقول فيه إن قضايانا المصيرية زادت سوءاً لكنها لم تتحلحل ولا أنملة واحدة نحو الانفراج الذي نرجوه، فمثلا في الوقت الذي كنا نأمل أن تعود عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى مسارها الذي لا يمكن أن أصفه بالمسار الصحيح لأنه لم يكن صحيحاً ولا في مرة واحدة منذ أن قام وبرز فيها الحق الإسرائيلي على حساب الحق الفلسطيني المهضوم لكنه على الأقل كان مساراً يلتقي فيه الطرفان برعاية أمريكية لم تكن بطبيعة الحال عادلة ولم يكن هذا الطرف منصفاً بالقدر الكافي وكان يمكن أن يتفقا فيه ويختلفا وتأخذ الأمور وقتها للتوصل إلى حلول لن ترضي الفلسطينيين أبدا لكنها ستكون كلها قائمة على مبدأ حل الدولتين، الذي يتفق عليه العالم بأسره، ومن ضمنه الطرف الفلسطيني أيضا لكن هذا العام فجر ترامب الرئيس الأمريكي الذي سيغادر هو الآخر مع هذا العام المنقضي البيت الأبيض تاركا ردهات البيت ومكاتبه وحديقته الكبيرة لخلفه جو بايدن الذي فاز مؤخراً بعهد رئاسي أمريكي جديد بإعلان القدس عاصمة إسرائيل الأبدية محدثاً زلزلة سياسية كبيرة لم توافقه عليها دول كثيرة أوروبية وكبيرة ولا تزال ترفض نقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس. وبهذا نعلم أن ترامب الذي يجيد معاركه في تويتر على خلاف الحياة السياسية الواقعية التي تقوم على تهوره غير المجدي قد زاد في تعقيدات هذه القضية التي غرقت أكثر في اللا حل في حين ساهمت بعض الدول من هذه التعقيدات حينما أعلنت تطبيعاً كاملاً مع إسرائيل في صورة هدمت ما يمكن أن تقوم عليه آمال الفلسطينيين في حل لقضيتهم وحل قضية اللاجئين التي تتوقف عليها هذه العملية في عدم منحهم حق العودة، في حين يصر الفلسطينيون على أن مواطنيهم يجب أن يعودوا لأرضهم عوضا عن الشتات الذي يعيشونه على حدود دول عربية قد تكون قد منحتهم حق الأرض وتملك الخيام، لكنها أبدا لم تمنحهم حق المواطنة والبيت والغذاء والأمن والحماية من البرد والمرض وحق الأرض التي يعيشون عليها. ولذا لا يمكن أن يتغير شيء في قضية فلسطين في هذا العام سوى أنها زادت سوءاً وستزيد ما دام الشعور بأهميتها يتضاءل، بينما النظر بات لإسرائيل على أنها دولة يجب ألا تكون منفية عربياً وهي التي تستوطن قلب الأمة العربية ومثلها قضايا سوريا واليمن وليبيا والتي يمكن أن تستمر ولا يتغير فيها شيء سوى أنها تتعاظم في المأساة لكنها لا تهتز شعرة واحدة نحو ما يمكن أن يضع لها أحدهم جدولاً زمنياً للحل. ولذا فهذا العام سيرحل وسيبقى شامخاً في ذاكرتنا التي يمكن أن تحفظ له غدره ومشاكله، لكن هذه الذاكرة ستتحول لذاكرة السمك حين تعصرها وتجبرها أن تذكر شيئاً جيداً كان في هذا العام بالنسبة للعرب فوحدنا من سوف يكذب في هذا في حين يمكننا أن نتجمل. ‏@[email protected] ‏@ebtesam777