13 سبتمبر 2025
تسجيلعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار، وتفعل وتتصدق، وتؤذي جيرانها بلسانها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا خير فيها، هي من أهل النار"، قال: وفلانة تصلي المكتوبة وتتصدق بأثوار (من الأقط) ولا تؤذي أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي من أهل الجنة"، عند تأمل هذا الحديث تعرف أن عقاب المرأة العابدة المؤذية كان بسبب قيامها بالعبادات بدون تمعن لجوهر الدين، فظنت أنها ستكسب الاخرة ولكنها لا تدري أن المؤمن يجب أن يتصف بالقلب السليم والخلق الكريم، وهما ما تهدف لهما جميع العبادات التي كتبها الله علينا، فعند قراءتك للقرآن الكريم فإنك تقرأ ما يوجهك دوما لعمل الخير وللأخلاق الكريمة وللتسامح وللصفات الجميلة. جميل الالتزام بالعبادات والمثابرة عليها، والأجمل أن يثري هذا الالتزام التعامل مع الناس، إننا نستطيع أن نكسب الكثير من الحسنات عن طريق التعامل الأخلاقي، وأيضا سيكون له الأثر الكبير في قوة العلاقات الإنسانية واستمرارها، وأول ما يجب أن يبدأ به المرء هو تنقية قلبه من الأمراض مثل الغيرة التي تؤدي والعياذ بالله الى أن يتمنى أن تزول النعمة من غيره، وهي افة الحسد وهي افة نتعوذ بالله منها في سورة الفلق، وكثر الحديث في مجتمعاتنا عن أثر الحسد على الصحة والرزق والخوف من الناس بعضهم من بعض لكي لا يصابوا بالحسد!. فكيف يستطيع الانسان تنقية قلبه؟ يستطيع في حال الرضا بما قسمه الله له من الأرزاق المختلفة وعدم الجحود، فالمشكلة حينما لا يدرك الانسان ما وهبه الله له من نعم، ويركز على عطايا الله لغيره، وهذا هو الجحود وأيضا عدم الإيمان الفعلي بقيمة الدنيا التي لا تساوي عند الله عز وجل جناح بعوضة فلماذا هذا التسابق والغل والغيرة والحسد، كل سيحصل على ما كتبه الله له من رزق وليحمد الله عليه، والله سبحانه وتعالى عادل مع عباده وليدرك الانسان أن الحياة الدنيا مؤقتة، وسيكون فيها عسر حتى يجني المسلم بها الدرجات في الاخرة من خلال الرضا والشكر والصبر. وكذلك عبادة الصبر على الناس وحسن التعامل معهم، فلا تتصيد أخطاء الناس، بل التمس لهم العذر وتعلم الصفح والمغفرة ولا تكن سببا في إدخال الحزن على غيرك عن طريق نقل الاخبار السيئة لهم بل كن ممن يدخل البهجة والسرور على قلوب الغير، وابتسم في وجة أخيك، وكن بشوشا دائما حتى وإن كنت حزينا، فذلك سيرجع عليك أنت أيضا بالفائدة فكن إيجابيا ومتفائلا دائما، واعكس إيجابيتك على الغير، وذلك بالثقة بالله والتوكل عليه وعلى حسن تدبيره لأمورنا. وزد على ذلك الاستمتاع والبهجة بمساعدة الاخرين سواء كان عن طريق الاستماع لمشكلاتهم ومشاركتهم في إيجاد الحلول أو حتى الاستماع فقط للذين لا يجدون من يستمع لشكواهم، أو بأن تكون سببا لقضاء حوائج الناس عن طريق مالك أو عملك أو معارفك، فكل ذلك يكتب لك كأجر عند الله وتلقى أثره في دنياك وآخرتك، ولكن الحذر من الاستعراض بهذه الاعمال واذلال الناس عليها، فمن أعطاك القدرة على ذلك قادر على أن ينزعها منك، فكن دائما داعيا بأن يرزقك الله ويرزق منك، وبأن يجعلك الله سببا لقضاء حوائج الناس. وأخيرا جاهد نفسك على العفو والمغفرة، وستجد صعوبة في البداية، ولكن مع تهذيب النفس وتعويدها على ذلك والذي يكون بالتأمل في عفو الله عنا ومغفرته لسيئاتنا وتقصيرنا، وهو فاطر السماوات والأرض، فمن نحن لكي لا نغفر لبعضنا البعض وخصوصا للقربي وللأرحام؟!، فليراجع كل منا تصرفاته ولنحدد مواطن التطوير فيها، ولنعمل على ذلك بقدر استطاعتنا ولنقتد بسيد الخلق رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. [email protected]