14 سبتمبر 2025

تسجيل

دولة المناشير العظمى !

27 ديسمبر 2018

من جديد يمارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب عادته التي باتت هواية معتادة في الاستمرار بسياسة «حلب» أموال السعودية والاكتفاء بتغريدة صغيرة في «تويتر» لفعل كل هذا دون رد فعل من الرياض التي ترى وتقرأ ولا يمكنها أن تنفي ما يقوله ترامب أو أن ترفضه حتى! فالولايات المتحدة الأميركية وبعد إعلان ترامب المفاجئ انسحاب قواته المتمركزة في سوريا منها تدريجيا رغم اعتراض بعض أعضاء مجلس الشيوخ البارزين من هذا القرار واعتراض الحلفاء الأوروبيين لاسيما فرنسا التي وصف رئيسها ماكرون هذه الخطوة المفاجئة من واشنطن بأنها تدل عن عدم وفاء من الولايات المتحدة تجاه حلفائها المقربين رأت من السعودية البديل المالي الثري الذي يمكن أن يؤدي الدور الذي كان يجب على واشنطن القيام به تجاه إعمار سوريا الذي لن يأتي بطبيعة الحال لا الآن ولا بعد سنة ولا خمس سنين أيضاً واكتفى ترامب بزف الخبر للعالم وإطلاق أمره هذا مباشرة إلى قصر اليمامة في عمق الرياض عبر تغريدة صغيرة قال فيها: ( أليس أمراً جيداً أن تساعد دول فاحشة الثراء جيرانها عوضاً عن دولة عظمى على بعد آلاف الأميال) ؟! في إشارة إلى أن السعودية الغنية هي الأجدر بمساعدة جارتها سوريا عوضاً عن مساعدة دولة عظمى وهي أمريكا لسوريا وهي التي تبعد عنها آلاف الأميال!.. فهل رأيتم إذلالاً اكثر من هذا للسعودية التي لطالما تغنت بقيادتها وحجمها وأنها دولة عظمى وهي التي تؤمر بتغريدة صغيرة من رئيس أمريكا ولا تملك أمام هذا الأمر سوى أن تلبي وتستجيب صاغرة ؟!، هل سيظل ترامب يمارس هذه السياسة التي يبدو أن السعودية باتت معتادة عليها في تلقي الأوامر الأميركية من خلال تغريدات صغيرة ومختصرة لا يكلف ترامب نفسه عوضاً عنها مشقة الاتصالات الثنائية مع «أبي منشار» الذي يتولى منصب ولي العهد السعودي لإعطائه الأوامر المناسبة دون اللجوء للتشهير البشع بمقدرة الرياض على سد فم ترامب الكبير بالمال كلما احتاج ؟!، وهل استحق التستر على جريمة جمال خاشقجي من قبل ترامب على صغيره المدلل محمد بن سلمان كل هذا الذل الذي تخرج عليه مواقف السعودية أمام السياسة الترامبية التي تقوم على المال ولا شيء غيره؟!، فرغم معرفة ترامب أن حلم إعمار سوريا لن يتحقق حتى بعد عقد من السنين التي سيظل بشار الأسد رئيساً ديكتاتورياً عليها إلا أن الرئيس الأميركي يتعمد في كل مرة على أن يتصدر اسم السعودية كل تغريداته وتصريحاته التي تتكلم دائماً عن الأموال التي تمتلكها الرياض ويرى ترامب أن لأمريكا حصة وفيرة منها ويجب أن تظل الجباية الأمريكية للأموال السعودية مستمرة مادام ترامب يخدم ولي العهد السعودي بأي شكل من الأشكال وخصوصاً من المصيبة الكبرى التي أوقع بن سلمان نفسه فيها وهي قضية مقتل جمال خاشقجي الذي اجتمع مجلس الشيوخ كافة على أن ولي العهد السعودي هو من أمر بتنفيذها بحسب ما خرج به من تقرير إدارة المخابرات المركزية الأميركية في هذا الأمر !، ولست هنا لأعطي أسباباً في قرار ترامب الانسحاب من سوريا الذي سيصب بأي حال من الأحوال في صالح إيران الحليف الصديق الصدوق لنظام بشار والتي ساهمت بقوة في إبقا بشار على سدة الحكم السوري رغم النزيف البشري الذي ذهب مت تحت أقدام هذا النظام المجرم والذي لن يجرؤ على الطلب من طهران سحب قواتها من على أرضه يوماً وإلا فإنه حياة بشار قد تنتهي بعد دقيقة واحدة من هذا الطلب غير المحتمل اصلاً !، ولكنني أمام الوضع الذي وضعت السعودية فيه نفسها وهي التي لا يزال مرتزقتها يتغنون بعظمتها التي لا أعلم من أين استقت هذا الوصف إن كانت فضيحة جريمة خاشقجي رحمه الله تلاحقها وسياسة الاعتقالات التعسفية داخل مجتمعها تلاحقها وسوء معاملة السجينات السعوديات وتعرضهن للتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب يلاحقها ناهيكم عن تلاعبها بسوق النفط وتخبط سياستها في حصار قطر الجائر وغير المبرر وحربها الدامية ضد شعب اليمن واعتقال الحريري في أحد قصورها وإجباره على الاستقالة التي عاد عنها فور تحرير باريس له وعودته إلى بيروت حراً وكل هذا يلاحق هذه الدولة الكبيرة حجكاً فعلاً لكنها الصغيرة في عقول من يحكمها ويوجه سياستها إلى هذا المنحدر من السياسة العوجاء فعلاً وفي هذا لا يستطيع أحد أن يلوم ترامب على طريقة تعامله مع السعودية التي تعطي أجراً مجزياً لمن يدافع عنها في البهو الأمريكي . [email protected]