17 سبتمبر 2025
تسجيلأتقدم للأخوة المسيحيين العرب في الداخل والخارج بالتهنئة بمناسبة عيد الميلاد والسنة الميلادية الجديدة.. كنا نمارس التهنئة بهذه المناسبة مع اخواننا العرب المسيحيين ونحن طلبة بكل تلقائية، كنا ننطلق من موقف إنساني بحت ومن منطق تعايش تفرضه الحياة والظروف، ومن إيمان بحرية العقيدة، لا أجد مبرراً مقنعاً اليوم لدعاوى التحريم والتكفير لمثل هذا الأمر، التهنئة تأتي كاعتراف بوجود الآخر وليس بما يعتقد، التهنئة تأتي كاعتراف بحقه على المجتمع الذي يعيش فيه مثلما حقنا عليه أن يشاركنا أعيادنا بالتهنئة ويحترم عقيدتنا، الفتاوى الكثيرة في تحريم ذلك أرى أنها تخلط خلطاً عظيماً بين العقيدة والثقافة، التهنئة هنا تنطلق من البعد الثقافي للمجتمع وليس من بُعد العقيدة للشخص، والثقافة أوسع مجالاً من العقيدة، العقيدة قد تطبق الحدود الضيقة على المخطئ ومع ذلك لا تخرجه الثقافة من الملة رغم ارتكابه للأثم.. أعتقد أننا في العقود الأخيرة من تاريخنا أنفقنا كثيراً من الوقت في استهلاك الدين من خلال استنطاق ما لا ينطق فيه وجعله هدفاً في حد ذاته والدليل على ذلك كثرة الفتاوى والمفتين وجر المسكوت عنه إلى دائرة التحريم على الأغلب.. لا أدعوك إلى التهنئة ولكن لا تحرمها على غيرك إن هو فعل.. هذا التكتل الذي أراه في وسائل التواصل الاجتماعي مفنداً كل من هنأ الاخوة المسيحيين بعيدالميلاد يكشف عن سراب عملية التنمية التي نفتخر بإنجازها في مجتمعاتنا الخليجية التي فشلت في أن تنشئ إنساناً قابلاً للتعايش مع الآخر، وستنتج حتماً إنساناً غير قادر على التعايش مع بني عقيدته مستقبلاً وهذا ملاحظ والدائرة تصغر يوماً بعد آخر حتى نصل إلى الدائرة الضيقة «الفرقة الناجية».. إن الحكم في التعامل مع المختلف هو الاحسان والاحسان هو العدل، والعدل هو التعايش الانساني المطلوب، ناهيك عما يفرزه الواقع المعاش من ظواهر لا يمكن التعامل معها إلا عن طريق مشاركة الآخر والقبول به، من قال أنني إذا هنئته شاركته اعتقاده في أن الميلاد يعني مولد ابن الله، هذا نوع من البارانويا والحفر الايكولوجي في العقيدة على حساب الشريعة وفقه مقاصدها الكبرى.. أدعو إلى ثقافة إسلامية إنسانية ترى في الآخر انساناً مكتمل الانسانية مهما كانت عقيدته وديانته، فمجتمعنا اليوم يحتوى مجمعاً للأديان، هناك المسيحي والبوذي والهندوسي وغيرهم في بيوتنا وفي أسواقنا وفي كل مكان، كيف نستطيع التعايش معهم كمسلمين لا أقول بمشاركتهم الطقوس ولكن من خلال استخدام لغة التعايش اللفظية، اللغة هي بيت الكينونة التي تكشف عن وجودها، فالانسان بلا لغة كينونة ناقصة، كم دعا الإسلام إلى إشاعة السلام والتبسم في وجه الآخر إيماناً منه بدور اللغة المشتركة الانسانية في إقامة السلام والتعايش، فإذا كنا سنحرم مجرد التهنئة اللفظية فماذا سنبقى من إنسانية المجتمع سوى زيادة قابليته للانفجار والتشظي. [email protected]