04 نوفمبر 2025

تسجيل

لا تنتظر أن يسعدك الآخرون

27 ديسمبر 2017

حسن شاب رائع ومهذب، ولكنه عاطفي جداً في قراراته وأحكامه، ولديه نظرة غير واقعية للحياة، فهو يقدم الكثير من التضحيات من أجل الآخرين (وهو أمر إيجابي وخلق رفيع)، ولكنه في المقابل ينتظر من الآخرين أيضاً أن يقدموا له نفس القدر من التضحيات؛ ولذلك فهو كثيراً ما يشعر بالإحباط من الآخرين الذين قد لا يستطيعون مجاراته في القدرة على تقديم التضحيات، ما قد يجعله يقطع علاقاته، وينعزل عن الآخرين. بل ويرفض أن يستمع لأي شخص يواجهه بالحقيقة المرة، وهي أن العيب ليس في الآخرين، بل فيه هو لأنه يَفترض أنه يفعل هذه الأمور بحسن نية، وهذا يعني أنه لا مجال للخطأ في التعاملات عندما تكون النية سليمة. بينما كان صديقه الناصح يحاول أن يقنعه بأنه مخطئ في تقدير الآخرين بطريقة غير واقعية، وانتظار التقدير والاحترام والسعادة من الآخرين، وأن يسمح للآخرين بالتحكم والسيطرة على عواطفه ومشاعره، لأنهم بذلك يستطيعون إسعاده، وكذلك يستطيعون إتعاسه، وكل ذلك بكلمة واحدة منهم، أو بردة فعل مخالفة لتوقعاته. أعرف بعض الأشخاص الذين كلما عادوا من سفر فإنهم ينتظرون بلهفة اتصالات أصدقائهم ومعارفهم للسلام عليهم والاطمئنان على سلامة وصولهم ومعرفة أخبار رحلتهم. ولك أن تتخيل حجم الإحباط التي يواجهونها بعد كل سفرة بسبب هذا الانتظار. ولك أن تتصور كذلك جذور أسباب استيائهم الدائم بسبب الناس الذين "غيرتهم الحياة والظروف ولم يعودوا كالسابق". من السذاجة أن ننتظر السعادة من الآخرين، كأن ننتظر منهم التضحية، أو رد الجميل، أو حتى التهنئة بالعيد أو ما شابه، الناس أخلاقهم متفاوتة، وقدرتهم على البذل والتضحية قليلة، ووعيهم بواجباتهم محدود، فكل من ينتظر ذلك منهم سيصاب بالإحباط ويتعرض للكثير من الصدمات.