20 سبتمبر 2025
تسجيلاستغرقت عملية الاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 حوالي 12 عامًا، واستمرت منافسات هذه البطولة لمدة أربعة أسابيع فقط. وبعد مرور عام على استضافتها لمنافسات البطولة، قام فريق من صندوق النقد الدولي بزيارة قطر، وتغيرت الأجندة الاقتصادية بشكل كبير في الفترة الفاصلة بين هذين التاريخين. وبينما سيطر التعافي من جائحة كوفيد - 19 ومنافسات بطولة كأس العالم على أجندة عام 2022، فإن القضايا الملحة الآن هي ارتفاع أسعار الفائدة، وتنويع مصادر الاقتصاد الوطني والحفاظ على المسؤولية المالية. وأشاد فريق خبراء صندوق النقد الدولي، الذي ترأسته السيدة بان لي، بإدارة الاقتصاد القطري في فترة ما بعد كأس العالم، وسلطوا الضوء على القرار المنطقي باستخدام الإيرادات المرتفعة من النفط والغاز، ولا سيما من حقل الشمال للغاز الطبيعي المسال الذي تمت توسعته مؤخرًا بهدف سداد الديون الحكومية. وأشار الفريق إلى التطورات التي شهدها اقتصاد المعرفة والقطاع الخاص عمومًا، وهو ما ساعد على تنويع مصادر عائدات التصدير والتنمية الاقتصادية. ويبدو أن بطولة كأس العالم لكرة القدم قدَّمت أكثر من مجرد دفعة مؤقتة للاقتصاد القطري وعززت من مكانة البلاد على الصعيدين الإقليمي والعالمي. فعلى سبيل المثال، ارتفعت العائدات المتحصلة من السياحة. وتعززت عائدات دولة قطر من الصادرات بشكل كبير بفضل صادرات الغاز الطبيعي المسال، وخاصة إلى ألمانيا والصين. وقد سعت ألمانيا إلى إنشاء بدائل لتجنب استيراد الغاز من روسيا بعد تصاعد حدة الصراع مع أوكرانيا في فبراير 2022، بينما وقعت شركة قطر للطاقة عقدًا مدته 27 عامًا مع مجموعة سينوبك الصينية تتعلق بتوريد الغاز الطبيعي المسال لهذه المجموعة. وعلقت السيدة بان لي بقولها إنه بعد الأداء "القوي للغاية" الذي حققه الاقتصاد القطري في عام 2022، فقد عاد معدل النمو الاقتصادي إلى طبيعته. ومن المتوقع أن ينمو الإنتاج بنحو 1.75% سنويًا على مدى العامين المقبلين، مع نمو القطاع غير النفطي بنسبة 2.75%. ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو على المدى المتوسط إلى 5% سنويًا، مدعومًا بالتوسع في إنتاج الغاز الطبيعي المسال والإصلاحات الاقتصادية في إطار الرؤية الوطنية 2030. وأضاف فريق صندوق النقد الدولي بأنه من المرجح أن يتحسن معدل التضخم ليصل إلى مستوى 2٪. ومن المتوقع أن تستمر الحسابات المالية والجارية في تحقيق فائض على المدى المتوسط. ويتمتع القطاع المصرفي باستقرار نسبي، على الرغم من ارتفاع نسبة القروض المتعثرة، المرتبطة بإعادة هيكلة القروض المرتبطة بالجائحة. وقد أدى ارتفاع المخصصات النسبية للبنوك إلى تخفيف المخاطر، حيث حسَّن مصرف قطر المركزي التدابير الاحترازية الكلية للحد من المخاطر المرتبطة بعدم تطابق الأصول والالتزامات الخارجية، ولا سيَّما تلك الالتزامات ذات فترات الاستحقاق القصيرة. وأوصى فريق صندوق النقد الدولي بمواصلة الحرص على تعزيز مرونة القطاع المصرفي، وإجراء إصلاحات لتعميق الأسواق المالية المحلية، مشيرًا إلى أن هذه التدابير مدرجة في الإستراتيجية المقبلة للقطاع المالي. ومن الأولويات الأخرى التي أوصى الفريق بها تعزيز المهارات وتحسين ديناميكية سوق العمل، وتبني الاقتصاد الرقمي، والاستعداد للتحول الأخضر والقدرة على التكيف مع أزمة تغير المناخ. ويبدو هذا البيان مشجعًا، نظرًا للتقدم الملحوظ الذي حققه الاقتصاد القطري وعدم وجود أي تعليقات ناقدة له، وهو ما يعكس نضج عملية صنع السياسات الاقتصادية في قطر، وفي الخليج بشكل عام، خلال العقود الأخيرة. ورغم إنفاق دول الخليج عائدات الثروة النفطية خلال عقد السبعينيات على الأصول الثمينة (Trophy assets) إلى حد ما، فقد كان هناك اعتراف متزايد بالحاجة إلى الاستثمار الاستراتيجي والتنويع الاقتصادي، وهو ما يجسده البيان الإستراتيجي لرؤية قطر الوطنية 2030، ومقاومة التدابير قصيرة الأمد التي لا تؤدي إلا إلى تحقيق نمو قصير الأجل عبر تحفيز الإنفاق الاستهلاكي دون تطوير الاقتصاد. ويجب أن تغطي الأولويات سبل تطوير الأعمال وتنمية قطاع السياحة وتعزيز اقتصاد المعرفة والتصنيع؛ والتنمية المالية، وتطوير أسواق السندات المحلية، وبناء صندوق الثروة السيادية لمحفظة استثمارات متوازنة. وتوفر التعليقات الإيجابية والصحية بشكل ملحوظ الصادرة عن فريق صندوق النقد الدولي قدرًا كبيرًا من التشجيع لتحقيق هذه الأهداف. وبمجرد نشر التقرير بأكمله، من الوارد أن يحتوي التقرير على بعض التعليقات السلبية، ومن المحتمل أن تكون هناك الكثير من النصائح المفيدة.