12 سبتمبر 2025
تسجيلابنتي: صفاء الحب، نقاء السريرة، بهجة الحياة، مهجة الروح، فيض السعادة، عشق القلوب أنس الحديث، متعة الحوار، تأتي إلى الدنيا فتقبل معها الفرحة والسرور. فعندما ولدت فاطمة - رضي الله عنها - قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ريحانة أشمها ورزقها على الله) استبشارا وفرحا بمولدها، وقالوا: إنه من اليمن والبركة أن تولد الأنثى قبل الذكر؛ فالله تعالى بدأ بالإناث. فقال تعالى "يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ" تكبر البنت فتكبر معها أحلام الوالدين، ويحرصان كل الحرص على حسن تربيتها، وجميل تنشئتها، حتى تكون سعادة لهما في الدنيا، وسترا لهما من النار يوم القيامة. وحين تواجه الأب الآلام، ويشعر بقسوة الحياة، يجد ابنته روضة غناء، ونسمة شفاء، تضمد جراحه، وتجلو همومه، وتمده بالحنان والرقة والملاطفة التي يفقدها عند من يحيطون به، فهي مصدر الحب، فها هو النبي الأب يلقي أحد الكفار على رأسه الأذى وهو يصلي فلا يجرؤ أحد على نصرته، حتى تأتي قرة عينه فاطمة فترفع عنه الأذى، وتربت على كتف أبيها وهي تبكي رقة لحاله، ولذا لا عجب والنبي يقول ( فاطمة أم أبيها ) شفقة وحنانا ورعاية. تتزوج البنت فيسعد قلب الأب، لكنها سعادة ممزوجة بانقباض الصدر لبعدها، فالبيت لم يعد كما كان، لا روح، لا طعم، وعندما تعود إلى البيت يمتلئ قلبه سعادة، فكان النبي الكريم إذا زارته فاطمة بعد زواجها يقوم لها مستقبلا، ويقول مُرَحبا: أهلا بابنتي، ويقبلها بين عينيها، ثم يجلسها بيديه بجواره، أي روعة استقبال هذه. وعندما تحدث مشكلة أسرية يسعى إلى حلها حتى لا يمس قلبها الحزن والضيق، فقد رؤي النبي ذات مساء يسعى إلى بيت فاطمة وقد ظهر على وجهه القلق، ما هي إلا مدة وجيزة حتى خرج وقد ظهر الفرح والبشر في وجهه الشريف فسئل عن فرحه هذا فقال: ( وما يمنعني أن أفرح وقد أصلحت بين أحب اثنين إلي). إنها موضع سر أبيها، ومحل مشورته، فقد أقبلت فاطمة على النبي وهو في مرض الموت تمشي كأنّ مشيتها مشي النبي الكريم، فقال النبي: مرحبا بابنتي، ثم أجلسها عن يمنيه أو عن شماله ثم أسرّ إليها حديثا فبكت، ثم أسر إليها حديثا فضحكت. فالبنات نسمات عليلة يخففن وهج الحياة في صغرهن وهن الحانيات في الكبر، المستجيبات لكل همسة، المطيعات لكل إشارة. ابنتي أنت قلبي وفرحتي، أنت في الدارين سر سعادتي.