12 سبتمبر 2025
تسجيليشعر الكثيرون بالمعاناة في تكوين العلاقات الاجتماعية أو الاستمرارية فيها ويبحثون عن أنواع السلوك الذي يضمن لهم النجاح في ذلك، والحل في مبدأ (التغافل). (التغافل) أن تغض الطرف عن هفوات الآخرين، ألا تحصي سيئاتهم، أن تترفع عن صغائرهم، ألا تركز على اصطياد سلبياتهم. (التغافل): أن تترك الخطأ الذي ارتكبه الآخر الآن، ثم تعود إليه لتناقشه فيه وتصوبه له لأنك تحبه. (التغافل): حب واحترام، لا تجاهل ولا إهمال ولا ازدراء. ويحكي القرآن عن قمة الرقي في التغافل، فيقول الله تعالى: (قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ). فيوسف البريء يتغافل عن اتهامه بالسرقة لأنه يريد حب إخوته وكسب قلوبهم، مع قدرته على الرد، فالتغافل قوة لا ضعف. وكفار قريش يشتمون النبي الكريم وينادونه مذمما، فما كان منه إلا أنه قال: (أَلَا تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ؛ يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ) فأصحاب النفوس الراقية والهمم العالية يتغافلون لأن لهم أهدافا عظمى يريدون تحقيقها. أحسن التغافل لأن تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل، أتقن التغافل لأنك إذا فعلت تجاوزت نصف مشاكل الحياة، كن متغافلا لأن ذلك من شيم الكرام، والناس لن يتوقفوا عن الزلات والأخطاء ومن بحث عن أخطائهم تعب وأتعب، فيقول ابن الجوزي: (ما يزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكرام، فإنّ الناس مجبولون على الزلات والأخطاء، فإن اهتم المرء بكل زلة وخطيئة تعب وأتعب، والعاقل الذكي من لا يدقّق في كل صغيرة وكبيرة، مع أهله، وأحبابه، وأصحابه، وجيرانه، وزملائه، كي تحلو مجالسته، وتصفو عشرته). تغافل من أجل صحتك النفسية والبدنية، فيقول مالكوم إكس: إذا لم تتقن التغافل ستخسر الكثير أولهم عافيتك. وينبغي أن تختار الوقت الملائم للتغافل، يقول ماكدونالد: التغافل وقت الغضب ذكاء، والتغافل وقت المصاعب إصرار، والتغافل وقت النصيحة البناءة غرور، فانتبه متى تتغافل!. فأمامك طريقان: إما أن تنفعل وتغضب وتتوتر، وترهق أعصابك وتفكيرك، وإما أن تتغافل وتهدأ وتبتسم. ويتحقق التغافل المثمر عندما تؤمن بأهمية دورك في حياة الآخرين، عندما تغلب المصلحة العامة على حظوظ نفسك، عندما تبحث دائما عن الإنجاز والنجاح. فالتغافل فن وارتقاء، حب ونصح وانتماء.