20 أكتوبر 2025
تسجيلبعد مرور 540 يوماً من الحصار أثبتت قطر أن كل يوم يمر من أيام هذا الحصار المفيد وليس الجائر أنها تزداد قوة ومنعة، حتى وصل الحال بنا كقطريين أننا وددنا لو أن هذا الحصار يستمر فترة أطول لما جنيناه من مكاسب على كافة المستويات، وأهمها أننا تمكنّا من الاعتماد على أنفسنا بدعم من دولتنا الفتية حتى اكتفينا محلياً من توفير مستلزماتنا الحياتية دون الاعتماد على جيران الغدر والشر!. وقد يقول قائل بأننا نعاني من العزلة بفرض دول الحصار قرارها بمنع دخول المواطنين القطريين لأراضيها، وتأتي الإجابة من واقع وخلفية القرارات المشينة التي اتخذتها دول الحصار، وبذلك أصبح معلوماً لدى الجميع بأن من قطع الروابط الأسرية والعلاقات الاجتماعية بين شعوب دول الحصار والشعب القطري هي الدول نفسها التي ظلمت شعوبها قبل أن تظلم قطر وأهلها، بينما قطر لم تُغلق حدودها وما زال مواطنو دول الحصار يتوافدون عليها عبر مطاري الكويت ومسقط وسط ترحيب من حكومتها وشعبها. وتعد الدبلوماسية القطرية من أهم مكاسبنا في هذه الأزمة ومنبع فخر لطالما كانت محل إشادة دولية وكشف لكل المؤامرات التي تحيكها دول الحصار حتى أصبحت بمثابة عامل قوة وردع لمحاولاتهم الخبيثة في التعدي على سيادة قطر وخلق الافتراءات والأكاذيب لزعزعة أمنها وتشويه صورتها لدى دول العالم!. ولأن قطر ولله الحمد والمنة أصبحت محصّنة من كل خطط الغدر والخبث لدول الحصار، ومؤامراتهم باتت مكشوفة وفاضحة لهم أمام المجتمع الدولي، فإنه من غير المعقول بأننا ما زلنا نتعامل بلين ولطف ومجاملة مع دول ما زالت تضع مصالحها القومية على رأس أولوياتها على حساب علاقتها مع دولة قطر، وتأتي المملكة الأردنية الهاشمية على قائمة هذه الدول وأول الدول التي قامت بتخفيض تمثيلها الدبلوماسي وذلك بعد يومين فقط من إعلان السعودية والإمارات والبحرين قطع علاقاتها مع الدوحة، واتخذت الأردن قرارها وبقناعة تامة وبمحض إرادتها دون أن يكون هنالك توضيح من قبلهم حول الظروف التي صاحبت هذا القرار، وتبعه مباشرة إلغاء التصاريح الممنوحة لقناة الجزيرة في الأردن في تصرف قد لا يقل حدةً عن دول الحصار نفسها!. ورغم الرفض الشعبي والنخبوي وعدد كبير من أعضاء برلمانها لهذا الإجراء الذي من الواضح أن الحكومة الأردنية رجّحتها لما تراه أنه يتماشى مع مصالحها القومية إلاّ أن الوضع بقي على حاله ولم يتمخض عن عودة العلاقات الدبلوماسية إلى ما كانت عليه قبل يونيو 2017! ولأن الدول تبني سياستها على مصالحها والمواقف السياسية فلا أرى أن الأردن الشقيقة غيّرت من موقفها رغم وقوف قطر الدائم معها وآخرها عندما دعمتها ودون طلب منها وبمحبة ودون أي تردد باستثمار نصف مليار دولار وعشرة آلاف وظيفة لشبابها وشاباتها ومع هذا لم يُثمر هذا الموقف في عودة العلاقات على أقل تقدير ولم يحرك ضمائرهم!. وهنا قد يتساءل أي مواطن قطري محب لوطنه ولا يقلل من جهودها الدبلوماسية التي بذلت أقصى جهودها في هذه الأزمة وأثبتت أنها بالفعل الرقم الصعب الذي يحضر دائماً في الأزمات، وسؤاله هو: قطر تقدّم الدعم المادي لكل الدول الفقيرة والمنكوبة دون أي تفرقة وعلى رأسها الدول العربية الشقيقة وتدعم استقرارها ونماءها، ولكن في المقابل يستمر دعمنا لها رغم أن مواقف حكوماتها قد يكون سلبياً ومتعاطفاً مع من يضمر العداوة والبغضاء تجاهنا؛ فلماذا نُجاملها على حساب مبادئنا كما هو الحال مع الأردن التي آثرت أن تقف في صف دول الحصار وجعلت موقفها (ما بين وبين) أو كما نقول في لهجتنا ( على شارعين ) لضمان عدم الإفلاس من إحدى المصلحتين وهي لغة ( المنافقين ) ؟! وإن كانت لغة المصالح والمنافع والمكاسب التي تتعامل بها الدول هي مقياس ومعيار العلاقات بينها؛ فما هي مصلحتنا مع الأردن غير ضخ الأموال لخزينتهم ودعم اقتصادهم رغم أننا نعلم بأن لغة المفاضلة لديهم تُفضّل دول الحصار بحسب مقياس (المصاري) لديهم؟! ثم ما الذي نجنيه من حكومة تقتات على ( الطرارة ) وفي المقابل نرتجي منهم عفواً وصفحاً عنّا لإعادة علاقاتهم الدبلوماسية معنا وكأننا نحن من حاصر وطغى وتجبّر على جيرانه؟!. نعلم أن الدبلوماسية لا تعرف لغة الحميّة والتأثر بالعاطفة المبنية على المواقف لأنها ترى بعين الدولة ذات بُعد النظر وفق خطط استراتيجية محكمة، ولكن لا يمنع ذلك بأن تأخذ في عين الاعتبار مبادئ الكرامة والعزة وعدم اللين والتهاون مع من يُمارس النفاق والخداع واللعب على الحبلين!. فاصلة أخيرة دبلوماسيتنا قوية ومزلزلة وقاهرة لدول الحصار ولكنها للأسف لينة وعطوفة على من يتعاطف ويقف في صف جيران الغدر والشر! وفي النهاية لن نجني من هذه الدول (المتزلفة) إلا ذر الرماد في العيون!.