12 سبتمبر 2025
تسجيلالعلاقات الخليجية الإسرائيلية! أكاد أجزم بأنه هذا الموضوع هو ما بات حديث المجالس الخليجية اليوم، ليس لإنكاره لربما ولكن يبدو أن الوقائع تثبت يوماً بعد يوم أن هذا المصير هو ما أصبح حقيقة الآن، رغم أننا في قريرة أنفسنا نرفض أن تكون هناك علاقات بأي شكل من الأشكال مع هذا الكيان الغاصب المحتل لأرضنا العربية في فلسطين، فقد تربينا منذ الصغر على أن إسرائيل عدو لنا وأن لنا أرضاً عربية مسلمة واقعة تحت احتلال إسرائيلي دخيل على أمتنا، ومع أننا نشأنا على هذا المفهوم فإن أجيالنا الحديثة لا تكاد تعرف عن هذا العداء شيئاً، بل إن اسم فلسطين يبدو غريباً على أذهانهم الصغيرة والأغرب منه اسم إسرائيل الذي لا يعرفون عنها شيئاً، ولكن إلى متى سيظل هذا المفهوم مترسخاً في أذهاننا نحن؟!، وإلى متى سيجهل صغارنا كيف يمكن أن يتحول هذا العداء إلى صداقة تدرجت من تعارف إلى اعتراف وإعجاب وعلاقة وتواصل وتطبيع وربما في المستقبل تزاوج؟!، فالتطبيع العربي الإسرائيلي باق وممتد، ومثله التطبيع الخليجي الخجول بعض الشيء لكنه يبدو في بعض دول الخليج مثل البحرين والإمارات جريء بدرجة كافية لإظهاره للعلن، فالبحرين لم تشعر بالخجل وهي تغازل نتنياهو صراحة وتمتدح على لسان وزير خارجيتها شخصية رئيس الحكومة الإسرائيلية، وأنه يتصف بكثير من العقلانية التي لم تكن في سابقيه!، بل وتلقى وزير اقتصاد إسرائيل دعوة بحرينية معلنة لزيارة المملكة الصغيرة في خطوة سافرة نحو التطبيع البحريني الإسرائيلي دون اهتمام لما قد يثير هذا مشاعر المسلمين داخل البحرين أو لشعوب المنطقة ككل!، ومثلها الإمارات التي لا تخفي مشاعرها تجاه هذا الكيان فنرى ما نراه من تطبيع وعلاقات وزيارات متبادلة لا تلقى صوت احتجاج واحد داخل هذا البلد الخليجي المعروف بتوجهاته الخاصة نحو أعداء هذه الأمة وآخرها تكفل أبوظبي بتمويل خط غاز إسرائيلي للاتحاد الأوروبي بأكثر من مائة مليون دولار لم تتوان المحطة التلفزيونية الإسرائيلية الثانية عن إعلان ذلك بسعادة!، وقد يكون هذا الحال نفسه في السعودية التي نرى تطبيعاً فيها من نوع خاص مع إسرائيل، فهي ترعى بصورة واضحة صفقة القرن التي تسعى لها واشنطن وتل أبيب بمساعدة الرياض كثقل ديني رئيسي للمسلمين، وتعتمدان عليها لإجبار الجانب الفلسطيني على الموافقة عليها إلى جانب الجانب الأردني الذي يمثل اليوم جبهة مدافعة قوية عن القدس الشريف، بالإضافة إلى أن محمد بن سلمان يرى في التطبيع السعودي الإسرائيلي فرصة لامتداد حكمه وملكه بعد رحيل والده سلمان بن عبدالعزيز، ويعلم أن الرضا الأميركي هو من رضا إسرائيل التي تحاول إلى انتزاع صفة الاحتلال عنها، ولذا لا يبدو أن الظفر برضا تل أبيب يبدو صعباً على ولي العهد السعودي، فشهادة نتنياهو التي دافع فيها عن موقف بن سلمان من قضية تصفية جمال خاشقجي كانت كفيلة بتعميق الروابط السعودية الإسرائيلية بشكل كاف جداً ليسعى ( مبس ) للمضي فيها بكل صلابة، لا سيما وإن أول ما قاله ترامب في بيانه الذي أعقب تقرير الـ CIA بتورط بن سلمان بهذه الجريمة كان مرتبطاً بأمن إسرائيل المتعلق بأمن وبقاء ولي العهد السعودي على رأس الحكم بريئاً من كل ما يحاول الآخرون إلصاقه به !. ونأتي إلى قطر لكي لا يقال ما قيل في دول الخليج وتظل قطر بريئة مما قيل !، فكلنا يعلم أن قطر كانت ولا زالت العون العربي والخليجي الذي يكاد الوحيد لشعب فلسطين ولا سيما غزة المحاصرة منذ أكثر من 11 سنة من قبل الكيان الإسرائيلي الغاصب، واسم فلسطين لا يزال حاضراً في خطابات قطر الدولية وعلى منصات الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمؤسسات الحقوقية العالمية، ومع هذا فقطر تعلم أن التواصل مع إسرائيل لحل الدولتين وإنهاء الاحتلال يجب أن يمر من القنوات الإسرائيلية المدعومة من الدول الأوروبية الكبرى ومن الدول الخمس ومن الولايات المتحدة الأميركية بنفسها، وإن كانت الدول الخليجية الثلاث ترى من إسرائيل دولة مستقلة لها كيانها الواحد، فإن قطر ولله الحمد لا تزال ترى في إسرائيل كياناً محتلاً لدولة مغتصبة اسمها فلسطين، ولذا لا عجب إن رأينا قنوات هذا الكيان تشن حملات ممنهجة ضد قطر وباركت حصار الجارات لها وطبلت للأزمة الخليجية المفتعلة ضد الدوحة، موضحة بأن كل المشاركات الرياضية التي تدخل إسرائيل فيها وتستضيفها قطر إنما هي من أساسيات الاستضافة التي لا تدخل الدوحة ضمن اختيار من يشارك فيها رغم الاعتراض الشعبي الحر داخل الدولة من وجود مشاركي هذا الكيان بيننا، ودور الدوحة الواضح في الصلح بين الفرقاء الفلسطينيين، ومثلها سلطنة عمان التي تسعى هي الأخرى لفتح قناة جديدة لإحياء عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل، وتظل الكويت الدولة الخليجية الوحيدة البريئة من كل تطبيع وتطبع مع هذا الكيان الذي سيظل دخيلاً وإن تملك الأرض حتى حين !. فاصلة أخيرة: فلسطين ستبقى عربية لنا !. [email protected]