11 سبتمبر 2025

تسجيل

باللون الوردي

27 أكتوبر 2022

بالرغم من أن الكثير منا يتجاهل العلامات التي تظهر في حياته مُنذرةً بجديدٍ ما أو مُرسلةً لنا علامةً للانتباه لخطبٍ ما، فإننا بعد فوات الأوان أو على الأقل بعد أن نقع في ذاك الأمر الجلل نتمنى العودة بالزمن للوراء لوضع خطةٍ للمعالجة أو لاتخاذ قرارٍ أكثرَ صواباً، قد ينطبق ذلك على حياتنا بشكلٍ عام ونجد أن الوقت أمامنا لكن قد يبدو أن الوقت يداهمنا إن تعلق الأمر بصحتنا، أتحدث هنا تحديداً عن الفحوصات الأولية وللدقة أكثر عن الفحص المبكر للسرطان، وبالنسبة للنساء حديثي عن سرطان الثدي تحديداً والذي تتزامن التوعية به في شهر أكتوبر من كل عام، وهذا لا يعني أن نُخصص شهراً أو يوماً أو مناسبةً للانتباه لصحتنا التي هي رأس مالنا. لقد أصبح سرطان الثدي من أكثر الأمراض المنتشرة بين السيدات مؤخراً، خلال شهر أكتوبر الوردي تُقام الكثير من الفعاليات والمؤتمرات والحملات لتشجيع السيدات على الكشف المبكر إلى جانب دعم الناجيات منه والخبر يبقى صادماً مهما خُفف من تداعيات صدمته، وهنا يأتي الدعم النفسي الذي يعتبر المرحلة الأولى من الانتصار على سرطان الثدي، لأنّه يمكّن المصابة من التجاوب مع العلاج كلما كانت نفسيتها مرتفعة فعند تشخيص مرض السرطان عند المرأة تنقلب حياتها رأساً على عقب وحالتها النفسية تتدهور بسرعة حادة بالتزامن مع تدهور حالتها الصحية. وقد تظهر ردود فعل نفسية بعد الإعلان عن إصابتها بهذا المرض وحتى أثناء علاجها منه، فلا يجب الاستهانة بالضيق العاطفي الذي تشعر به، فالمرأة تصبح هشةً نفسياً وجسدياً وقد تراودها مشاعر وأفكار سلبية تؤثر غالباً في سلوكها تجاه نفسها والآخرين مثل الحزن الشديد والإحباط ونوبات الغضب والاشمئزاز من جسدها وأحياناً قد تؤدي هذه المشاعر إلى أفكار الموت او الانتحار، وبحسب منظمة الصحة العالمية يعتبر سرطان الثدي السرطان الأكثر انتشاراً حول العالم. هنا يأتي دور التوعية في محاولةٍ لـرفع الوعي عن طريق التعريف بالأعراض والعلاج، حيث يأمل القائمون على هذه التوعية أن زيادة المعرفة ستؤدي إلى الكشف المبكر عن سرطان الثدي الذي يرتبط بمعدلاتٍ أعلى للبقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، حيث تتكاتف المؤسسات الصحية والعاملون فيها والجمعيات الخيرية لإطلاق حملات تزيد الوعي بالكشف المبكر عن سرطان الثدي، وتسلط الضوء على التقدم الطبي في طرق التشخيص والعلاجات المختلفة، كما يجمع بعضها تبرعات لدعم المرضى والبحث العلمي. في شهر أكتوبر ينتشر اللون الوردي في معظم المستشفيات والأماكن العامة وتسعى الجهات الصحية في كل بلد لإطلاق حملات خاصة ومكثفة للتوعية بسرطان الثدي لتشجيع المرأة على الفحص المبكر لتحاشي الإصابة بالمرض، وأخذ الاحتياطات اللازمة ومعرفة العلاج في حالة الإصابة به، وقد يتساءل البعض عن ارتباط اللون الوردي بهذا المرض، حيث تم اعتماد أشرطة اللون الوردي لأول مرة عام ألف وتسعمائةٍ واثنين وتسعين عندما قامت مؤسسة “سوزان كومان” أشهر مؤسسة في مجال مكافحة سرطان الثدي، وهي نسبة إلى السيدة التي توفيت بسببه عن عمر الثالثة والثلاثين، حيث قررت أختها "نانسي كومان" إنشاء المؤسسة باسمها مخصصةً إياها لدعم مرضى سرطان الثدي، حيث تم توزيع الشريطة بلونها الوردي للمتسابقين في الماراثون الذي أقيم دعماً للناجين وتم اشتقاقه من الشريطة الحمراء المخصصة لمرض الإيدز. ويأتي اختيار اللون الوردي كدلالةٍ على تأثيره العاطفي والعقلي فاختياره ليكون لون الوعي بسرطان الثدي لم يكن ذلك بسبب الارتباط الأنثوي للون، على الرغم من أن هذا عامل، ولكن تلاحظ "مارغريت ويلش" مديرة جمعية الألوان في الولايات المتحدة، أن الدراسات وجدت أن اللون الوردي يُعتقد انه يحمل بعضاً من الدلالات مثل تأكيد الحياة والتهدئة والمرح والهدوء وتخفيف التوتر وجميعها دلالات ترتبط بالعامل النفسي الذي يأتي في المرتبة الأولى للعلاج، ويتساءل البعض هل تكفي التوعية والتعريف والتذكير وجذب الانتباه في تاريخٍ أو شهرٍ نخصصه لسرطان الثدي أو غيره من الأمراض؟، قد تكون الإجابة بشكلٍ عام نعم لكن تلجأ أيضاً جهاتٌ عدة صحية وتعليمية ومجتمعية وغيرها لعقد الحملات والورش التعليمية والتثقيفية والمحاضرات والندوات بهدف رفع وتيرة الوعي لدى النساء بشكل عام ولدى المصابات بسرطان الثدي وأهاليهم بشكل خاص ومن أجل تشجيع البرامج الصحية الوقائية للكشف المبكر عن المرض في مراحله الأولى، وتقديم وسائل دعم الصحة النفسية لمريضة سرطان الثدي، وهو أمر في غاية الأهمية لتكون قادرة على تحمل آلام المرض واستكمال رحلة العلاج، فأكثر شيء يؤلم مريضة سرطان الثدي شعورها بالشفقة أو التعاطف من قبل المحيطين بها. ولعل واحدةً من الجهات التي لا يغيب عني ذكرها هي الجمعية القطرية للسرطان، والتي تُولي اهتماماً كبيراً بهذا المرض من خلال التوعية المستمرة وتقديم الحملات التثقيفية وعلاج الحالات التي تلجأ لها والتخفيف عن المصابات وتفعيل دورهن المجتمعي باستضافتهن في مناسباتٍ عدةٍ لتقديم تجاربهن وكيف انتصرن على المرض وما أحوجنا لذلك لزيادة وعينا والتقليل من مخاوفنا كسيدات، بل وتقديم النصائح الطبية على أيدي متخصصين بات شغلهم الشاغل أن يؤدوا الأمانة التي يحملونها على عاتقهم من علاجٍ طبي ونفسي معاً. ولأن هذه التوعية تأتي بأشكالٍ عدة فإن التعبير عنها يأتي أيضاً بشعاراتٍ مليئةٍ بالإرادة والصمود والقوة كالفحص المبكر وعي أو واجهي خوفكِ وغيرها من الشعارات التي ترتبط معنوياً بمدى الوعي وحجم الأمل في التعافي. أخيراً.. الحياة أمانة كلما شعرت باليأس؛ قومي بمخاطبة مرضك واخبريه أنه غريب وأن ذكرياتك معه دائمًا أنكِ ستكونين إيجابية، لأنها ستكون ذكريات تجعلك تتذكرين أنكِ كنتِ شجاعة وتمكنت من هزيمته.