10 سبتمبر 2025
تسجيل# المقاطعة الشعبية آخر أمل للمقاومة في كل قضايانا فإن قتلوا روحها ماتت الأمة # رد الفعل كشف لنا العملاء والمثبطين والمنهزمين أمام آلة الاستهلاك الغربية في الثامن من ديسمبر عام 1987 خرج مجموعة من العمال في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، على حاجز يطلق عليه حاجز أريز، قامت شاحنة إسرائيلية بدهس العمال فاندلعت شرارة الانتفاضة، انتفاضة أطفال الحجارة التي نتج عنها استشهاد قرابة 1162 فلسطينيا بينهم حوالي 241 طفلا، وأصيب نحو 90 ألف جريح، مع تدمير ونسف 1228منزلا، واقتلاع 140 ألف شجرة من المزارع الفلسطينية. وقتل خلال الانتفاضة 160 إسرائيليا أغلبهم جنود، بينما اعتقل الاحتلال الإسرائيلي نحو 60 ألف فلسطيني. ثم ماذا، ثم واصل الفلسطينيون نضالهم العظيم الذي يفخر كل عربي ومسلم به، لم تهن الكرامة، ولم تتراجع الهمة، ولم تضعف العزيمة، جيل بعد جيل، ومدينة خلف مدينة، رغم كل ألاعب صهاينة اليهود والعرب ضدهم، بقيت شعلة الانتفاضة مشتعلة، وإن تغيرت حجارتها. هذه الانتفاضة كانت دفاعاً عن أرض مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، فما بالكم ونحن ننتفض اليوم للدفاع عن الرسول الكريم، خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا وحبيبنا وشفيعنا، فإن لم تكن الانتفاضة التي ننتفضها بهمة وعزيمة ومجدة أطفال الحجارة فلا يجب أن تكون أقل منها. ومع تقاعس الحكومات، والبيانات الخجولة الباردة، تحركت الشعوب، وكان لها القرار في مقاطعة المنتجات الفرنسية، القرار الذي ينم عما باليد، وعن حس المسؤولية، لكن.. هل المقاطعة مجدية ؟ أسرد هنا بعض الجدوى.. والرد على المثبطين والمنهزمين: أولا: على مستوى الوطن العربي المقاطعة مؤثرة في القرار السياسي العربي والإسلامي، ولولاها لما تحركت وزارات الخارجية ببياناتها "وإن كانت محتشمة" ولا تم استدعاء السفراء، ولا ركز الإعلام الرسمي في الدول العربية على حملات المقاطعة الشعبية. ثانياً: على المستوى الفرنسي أثبتت المقاطعة أن الاقتصاد سلاح قاسٍ، لا يتحمله الغرب، خاصة في زمن كورونا، وأن الأرقام التي تقول عن حجم الواردات والصادرات القليلة للوطن العربي مؤثرة، لهذا صرخت وزارة الخارجية الفرنسية متوجعة "وإن كانت صرختها وقحة" مستجدية الناس عدم المقاطعة، لأن الفرنسيين يعلمون أثر امتداد المقاطعة لدول إسلامية، ومقاطعة المسلمين في العالم أجمع لهم، والتأثير الذي يمكن أن يخلفه الضغط الشعبي على الحكومات فتنتقل المقاطعة إلى رسمية وتؤثر على صفقات السلاح والطائرات وغيرها، وعندها سيعلم الفرنسيون أي منقلب سينقلبون. ثالثاً: إن المقاطعة أثبت أن شعوبنا لازالت حية، وإن كانت الحياة قد ماتت في بعضها، والنخوة ذابت فيها، كما هو حاصل في الإمارات مثلاً، فإن الشعوب العربية على عكس حكوماتها باقية، وصوتها الذي ارتفع بسلاح مقاطعة السلع أمتد، وأثر، وسيتكرر مستقبلاً وقد يتطور كما تطور أطفال الحجارة وأصبحوا يستخدمون حجارة أكثر تأثيراً ووجعاً. رابعاً: إن المقاطعة كشفت لنا مزيداً من الخاضعين للغرب، من العملاء الذين يعيشون بيننا، والمستعدين للدفاع عنه حتى عندما تتم الإساءة لنبي الإسلام، فالانبطاح مستمر على كافة المستويات، والعمالة أصبحت فاضحة وفي العلن دون خجل أو حياء. خامساً: إنه كشف لنا أيضا التجار الحقيقيين الذين يقفون مع أمتهم في الأزمات، وكشفت لنا الذين يستخدمون من يروج لعدم المقاطعة بحجة أن التاجر المحلي سيتأثر، ليثبط العزائم، ويقلل التأثير على الغرب المعتدي، ولنا في قطر تجربة عظيمة في القدرة على تغيير المنتجات، وتغيير دول التوريد وتبديل سلاسل الإمداد بعد الحصار الغاشم على بلادنا، وهو درس يستفيد منه التاجر القطري والمسلم في كل الأرض. سادساً: المقاطعة مجدية لأنها تحيي الشعور الشعبي الوطني للمواطن العربي والمسلم باتجاه أمته، وقضاياها، وما أضاع فلسطين ولا اليمن ولا العراق ولا الشام إلا تهاون الناس في الوقوف مع الحق، ولا سمح للغرب أن يكرر فعله المخزي ومنكراته باتجاه ديننا ونبينا إلا لأن الرد الرسمي ضعيف، والرد الشعبي كان سابقاً أقل من مستوى الخوف الذي كان يسكن مرتكبي الفعل قبل ارتكابه. المقاطعة الشعبية آخر أمل للمقاومة في كل قضايانا، فإن قتلوا روحها ماتت الأمة، وإن ماتت روح المقاومة والانتفاضة، فإن كل ما يدمر الأمة آتٍ لا محالة، فلا حكومات تهتم، ولا شعوب تناضل، فنصبح دولاً وشعوباً تابعة للغرب. واليوم علينا أن ننفض من بيننا كل من لا يقف مع الأمة، من أولئك الذين يهونون من فكرة الإساءة إلى نبينا الكريم، إلى أولئك الذين يفتحون أبواب بيوتهم للصهاينة المعتدين، وصولاً إلى من ملكت عقولهم وجيوبهم آلة الاستهلاك الغربية فلم يعودوا يتحملون العيش دون بهرجتها ولا أموالها. يقول نزار قباني رحمه الله عن أطفال الحجارة: بهروا الدنيا.. وما في يدهم إلا الحجارة.. وأضاءوا كالقناديل، وجاؤوا كالبشارة قاوموا.. وانفجروا.. واستشهدوا.. وبقينا دبباً قطبيةً صفحت أجسادها ضد الحرارة.. ونحن اليوم أبطال حجارة، فلنحيي انتفاضتنا في داخلنا، ولا تسمحوا لأي أحد أن يتلاعب بعقولكم تحت أي حجة تافهة مثل: سيعود الناس وتنتهي المقاطعة، سيتأثر التاجر المواطن، كلها حجج واهية لا حقيقة لها. نعم قد يعود الناس بعد مدة، أو اعتذار، أو يتراجع البعض، لكن هذا ليس سبباً لتتراجع الأمة، فكم من عربي باع فلسطين، وكم من مسلم ومسيحي باع فلسطين، وكم من دول اليوم تبيع فلسطين، لكن فلسطين وأرضها ودماء شهدائها لا تزال حية في قلوب الشعوب، باقية ما بقي الدهر، تحقيقاً لوعد الله بتحريرها من الذين يدنسونها اليوم، بإذن الله. عليك أن تسلك طريق الحق ولو كنت فيه وحدك كما قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه. إني أخشى على نفسي وعلى كل مسلم، أن يأتي يوم القيامة ونسأل عما فعلنا لنصرة نبينا فنقول: إننا قعدنا "مَعَ الْقَاعِدِينَ". [email protected]