06 أكتوبر 2025

تسجيل

السفرة الجامعة

27 أكتوبر 2020

العنوان أعلاه اقتبسته من وصف أستاذنا الفاضل الدكتور أحمد بن جاسم الساعي، متحدثاً عبر لقاء إذاعي لبرنامج ( من هنا وهناك، إذاعة قطر، القرآن الكريم ) حول إيجابيات وسلبيات وسائل الاتصال الإلكتروني، وهو يصف اجتماع أفراد العائلة على مائدة طعام واحدة أسماها بالسفرة الجامعة، وحنين الذكريات الجميلة لتلك اللحظات العائلية الحميمة وعاداتنا الأصيلة، حين كانت سفرة الطعام المستديرة الملاصقة لأرضية البيت في حجرة الجلوس أو حتى فناء المنزل تجمع الصغار والكبار، قبل أن يتبدل شكل ونوع الموائد بما نراه ونستخدمه حاليا من أنماط مقلدة مستوردة أفقدتنا تلك الأجواء الجميلة ( أيام الطيبين ). وقبل أن تقطع وسائل التكنولوجيا الحديثة تلك اللقاءات الأثيرة وتعزل أفراد الأسرة عن بعضهم، دون إغفال تأثيرات التهافت على طلبات المطاعم. وانفصال كثير من البنات والأمهات عن واجبات التدبير المنزلي، وتفضيل الوظائف خارج المنزل على وظيفتهن الأولى داخله مع الاعتماد شبه الكلي على الخدم والمربيات الأجانب. وكم يأسرنا الحنين إلى طبخ الوالدة وجلوس الأب مع عياله على مائدة الغداء. ونحن نضم صوتنا إلى صوت أستاذنا الدكتور الفاضل، ونتطلع في شوق ولهفة إلى استعادة اللقاء الأسري الإيجابي حول السفرة الجامعة التي ذكر الدكتور الساعي أبرز فوائدها باعتبارها وسيلة فعالة لتقوية عوامل الترابط والتعاون والعمل الجماعي المثمر المبني على التشاور والتوجيه والإرشاد وتطبيق آداب وقواعد اجتماعية وتربوية عظيمة من خلال لقاء يجمعهم على سفرة الطعام وخاصة في وجبة الغداء ؛ فالواقع يشهد أن نسبة العائلات المجتمعين على سفرة واحدة لا تتجاوز 5 % على أحسن تقدير. وبتنا نغبط من يحافظون على ذلك المطلب النفيس. كثيرون بيننا ومن كافة الفئات منشغلون بهواتفهم المحمولة إلى درجة الإدمان، مما يجعل منها وسائل تقاطع وليست وسائل تواصل، حتى وإن ضمهم بيت واحد، فلكل منهم عالمه الافتراضي الكئيب. وحتى نتخلص من حالة التقرير والتشخيص دون علاج أدعو نفسي واخوتي من القراء والمهتمين أن نعمل جادين على إبرام اتفاقيات أسرية يقر بها جميع أفراد الأسرة في حوار متوازن بناء، يؤدي إلى ترتيب لقاء يومي يجتمعون فيه على وجبة طعام وسفرة جامعة ليس شرطا أن تكون وجبة الغداء، فإن تعذر ذلك فليكن في إجازة الأسبوع مبدئيا، ثم نحاول التخفف من استخدام الهواتف المحمولة قدر المستطاع وتفعيل النشاط البدني بالأعمال المنزلية والرياضة البدنية المبنية على التدبير المنزلي وليس مجرد ارتداء أزياء رياضية وترك المنازل بحجة الرياضة، خاصة وأن أغلب بيوت المواطنين والحمد لله تتميز بالفناء الواسع والمساحات التي تصلح لممارسة الرياضات بشتى أنواعها ويكفي أن نتقاسم مسؤولية ترتيب وتنسيق الحدائق والأثاث وأعمال الطبخ والنظافة العامة، وحمل وتنزيل بعض الأمتعة وفق الطرق السليمة. ولابد أن ندرك تماما أن الاجتماع على السفرة الجامعة ضرورة اجتماعية قصوى تسهم بفعالية في حل مشاكلنا العالقة بكل أريحية وأمان. ودمتم في حفظ الرحمن. [email protected]