17 سبتمبر 2025
تسجيلفي ظل غياب الموقف الرسمي العربي والإسلامي الصارم ضد تعدي وعنصرية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضد الإسلام ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، استمر في استفزازه للمسلمين بتصريحه العنصري أثناء مراسم حفل تأبين المدرس الفرنسي المقتول قائلاً: إن بلاده ستحمل راية العلمانية عالياً، ولن نتخلى عن الكاريكاتير "في إشارة إلى الكاريكاتير المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم"، ولو تقهقر البعض، وتعهد الرئيس الفرنسي بمواصلة نشر الكاريكاتير المسيء ومحاربة المؤسسات التي تدعم التطرف في فرنسا حسب زعمه. ويبدو أن ماكرون بتصريحه هذا اعتبر نفسه المجدد لبعث الحروب الصليبية من جديد وحامل لواء الصليب لإبادة كل من يحمل في قلبه ذرة من الإسلام، هذا ما ترجمته لنا مواقفه الأخيرة الداعية لمناهضة الإسلام وربط العنف والإرهاب به دون أن يُجابه بأي معارضة واستنكار من دولنا العربية والإسلامية عدا ذلك الرد السريع والملجم الذي أتاه من الرئيس التركي أردوغان عندما قال: إن حديث الرئيس الفرنسي عن إعادة هيكلة الإسلام "وقاحة"، وبأنه يهاجم الإسلام للتغطية على الأزمة التي تعيشها فرنسا وسياساته الفاشلة. استمرار ماكرون في إساءته للإسلام دعته للتمادي في عدائه وكراهيته للإسلام بدعمه ودعوته لإعادة نشر الرسوم المسيئة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الميادين بفرنسا وتحت حماية الأمن الفرنسي، وهو ما يعبر عن الموقف الرسمي لفرنسا، ويصنف بأنه فعل قبيح ومسيء ومعاد لمليار وثمانمائة مليون مسلم ويقع في خانة ازدراء الأديان والدعوة للعنف والكراهية. ومن المخزي عندما نرى بعض حكام العرب والمسلمين يتسارعون في تضامنهم مع ضحايا أفعالهم في ازدراء الأديان كما حدث لضحايا المجلة الساخرة "شارلي إيبدو"، التي نشرت الرسوم المسيئة لرسولنا الكريم، وهي التي أمر الآن ماكرون بنشرها في الميادين الفرنسية، هؤلاء الحكام لم نرَ منهم فعلاً ولا حتى همساً ضد الرئيس الفرنسي وكأن الأمر لا يعنيهم ولم يكلفوا وزارات خارجيتهم باستدعاء سفراء فرنسا في بلدانهم معلنين على الأقل شجبهم واستنكارهم لهذا الفعل السافر من قبل الرئيس الفرنسي، فأي عزة وهيبة ننشدها وبعض حكامنا يذرفون الدموع لضحايا الغرب المسيحي، ويقفون صفاً متراصاً مع زعمائهم رافضين أي سوء يمسهم ولا يحركون ساكناً عندما يُساء لنبي الرحمة عليه الصلاة والسلام، ولا نجد هذا التعاطف من قبل حكام الغرب عندما تُرتكب المجازر في حق المسلمين كما حدث في البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي ولا حتى ما يرتكب من قتل وتشريد لأشقائنا الفلسطينيين وما يحدث لأشقائنا السوريين من مجازر وتشريد وما يتعرض له الإيغور في الصين والروهينجيا في ميانمار، فدم المسلم لا قيمة له بينما دم النصارى واليهود محرمٌ ومقدسٌ، ومن لم يتعاطف معهم ويشارك في وقفاتهم التضامنية من حكام المسلمين فهو في نظرهم إرهابي ويدعم الإرهاب ويعادي الإنسانية جمعاء، وأما ارتكاب المجازر والتحريض على كراهية ومعاداة المسلمين فلا يعد إرهاباً مطلقاً في نظرهم!. من الأمور المعيبة كذلك عندما نرى مؤسسات وهيئات دينية في عالمنا العربي والإسلامي لها ثقلها ومحل احترامها لدى جميع المسلمين، ولطالما كان لها على الأقل موقف يشجب ويستنكر أي فعل مشين يُرتكب ضد الإسلام والمسلمين، فحتى هذه الساعة لم نرَ بياناً ولا صوتاً من المؤسسات الإسلامية يستنكر الإساءة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو ما يعد مؤشراً خطيراً بتعمد هذه الدول تغييب دور هذه المؤسسات التي تترقب الأمة الإسلامية مواقفها عند حدوث مثل هذه الحملات المعادية من قبل دول أعلنت بشكل رسمي كراهيتها ودعمها لكل ما يسيء للإسلام ولرسوله الكريم. وفي ظل الموقف العربي والإسلامي المهين وقناعة الشعوب العربية والإسلامية بأنه لا حياة لمن ارتدوا رداء الذل والهوان ونزع الله منهم الهيبة والشجاعة وصغّرهم في عيون أعدائهم، فلا مناص من تكاتف هذه الشعوب ومواجهتها لحملات التعدي والإساءة لرسول الرحمة دون التعويل على حكوماتها وموقفها الهش من الإساءة لرسولنا الكريم، وذلك من خلال حملات مقاطعة البضائع والمنتجات الفرنسية، وهو ما بدأته في بعض بلدانها مثل قطر والكويت، وكلنا نتذكر كيف كان وقع مقاطعة المنتجات الدنماركية في عام 2006 بعد أن نشرت إحدى صحفها رسوماً مسيئة لرسولنا الكريم، وهو ما أثّر بشكل كبير على الاقتصاد الدنماركي وألحق به خسائر كبيرة، جعلته يركع ويعتذر بشكل رسمي للعالم الإسلامي على ما بدر منها من إساءات للإسلام وللرسول الكريم، وأثبتت حينها الشعوب العربية والمسلمة أنها تملك سلاحاً فتاكاً لا يسفك الدماء وإنما يشل الاقتصادات ويقلب المعادلة لصالحه عندما تخنع وتطأطئ الحكومات أمام من يريدون أن يهينوا ديننا ورسولنا الكريم ويصفونا بالإرهابيين وهم أصل الإرهاب ومنبعه. فاصلة أخيرة: قطيع العلمانيين وأذنابهم يتصدرون المشهد في دول الحصار للدفاع عن الرئيس الفرنسي، مبررين ذلك بأنه يُحارب التطرف الإسلامي؛ وهؤلاء مثلهم كمثل الذي يُهتك شرفه كل ساعة ويتحدث عن الشرف ويعد نفسه شريفاً، من رضي بالإساءة لنبينا الكريم فإنه منزوع الشرف وملعون ليوم الدين، وإن كناّ نعلم أن هذا القطيع لا دين له ولا شرف ولا كرامة!. [email protected]