09 سبتمبر 2025
تسجيلانتقل جدي من الغارية شمال قطر إلى منطقة رميلة في قلب الدوحة أواخر الخمسينيات كما هو حال الكثيرين من أهالي قطر ومنهم الوالد علي بن عمران الكواري والد جدي مع أبنائه والذي انتقل إلى منطقة لا تبعد كثيراً عن رميلة سميت باسمه منطقة بن عمران معمرين بذلك مناطق جديدة للسكن. قدر جيلي أن نعيش طفولتنا في تلك المناطق والتي للأسف الشديد طمس بعضها بالكامل وغابت كل الأماكن والملامح التي مازالت تعيش في ذاكرة الأجيال من أبناء رميلة والبدع ووادي السيل كما هو الحال في مناطق كثيرة عَمَّرها القطريون بتواجدهم فيها مثل الريان وأم غويلينة و الخليفات ولسلطة والمرقاب وفريج الغانم والجسرة ومشيرب والكثير الكثير من الأحياء والفرجان التي جار عليها التمدن و (التطور) وطمس ملامحها وشتت أهلها إلى مناطق جديدة خارج العاصمة قلب الدوحة تاركين ما تبقى من منازلهم وذكريات ماضيهم ليسكنها الغرباء من المقيمين الباحثين عن الرزق في بلد الخير. شد معظم القطريين الرحال إلى أطراف مدينة الدوحة مثل أزغوى وما حولها من مناطق جديدة وكان نصيبنا في المناطق الجديدة مدينة خليفة الجنوبية لبداية المشوار من جديد وكان ذلك في عام 1977 تقريباً تاركين أحلى ذكريات الطفولة هناك في رميلة والتي طمست ملامحها بالكامل من أجل حدائق الكورنيش ومواقف للسيارات. جاء دور المساكن الشعبية الجديدة والڤلل الحديثة والتي لم تعد كذلك اليوم ! نعم هي سنة الحياة ولكن تسارع الأحداث يربك الحياة وها هو التاريخ يعيد نفسه بشكل أاكثر تسارعاً و (بتطوير) حديث للمناطق السكنية الحديثة ! والمزيد من الشوارع التجارية المزدحمة في وسط المناطق السكنية حولت المساكن الشعبية إلى عمارات سكنية متعددة الطوابق تصل في بعض المناطق إلى سبعة أدوار جاعلة من تلك المناطق السكنية البسيطة مدناً صغيرة شديدة الازدحام تراكم السيارات فيها أمام الشقق شي غير طبيعي وعشوائي. مرة أخرى يترك المواطن المناطق التي عمرها في السابق وحملت ذكريات الشباب والجزء الثاني من العمر يتركها للأعداد المتزايدة من المقيمين والتي قفزت بعدد السكان إلى قرابة الثلاثة ملايين، المواطنون نسبتهم قليلة !! تهافت البعض في استثمار هذا الوضع جعلهم يدفعون مبالغ كبيرة لأصحاب البيوت القديمة من أجل تحويل البيوت إلى عمارات سكنية تحوي العديد من الشقق الضيقة فهذا ما يطلبه السوق العقاري اليوم. والبعض من المقاولين يقوم بإزالة المساكن القديمة بشكل غير آمن وبدائي يسبب الإزعاج والمخاطر لمن تبقى من السكان (الأصليين) لهذه المناطق من خلال قوانين بناء غير كافية لسلامة الساكن والمساكن ! أزف وقت الرحيل للمرة الثالثة بعد أن تركنا ذكريات الطفولة في رميلة نترك ذكريات الشباب هنا في مدينة خليفة الجنوبية بشئ من تثاقل الخطى هذه المرة ! فلم يبق في العمر أكثر من ما مضى والله أعلم بما تبقى. إلى أين الرحيل القادم؟! ربما تكون العودة إلى الشمال من جديد والاقتراب من مسقط الرأس في الغارية !!! ◄ آخر الكلام.. عمّن ترحل سالي الدار يا عين استعلميها وانشدي يا حزينه قولي هلك يا دار منك غدوا وين من بك وقف ينشدك ما تخبرينه (الفيحاني) [email protected]