15 سبتمبر 2025
تسجيلتعالوا نتخيل معاً! سوريا دون ثورة ودون فوضى ودون تدخلات خارجية ودون تواجد من له مصالح تتصالح فيها ولا يوجد فيها من يهرب من بطش أحد ولا أن يخرج مجبرا لطلب اللجوء! تخيلوا أن اليمن بلد الحضارة وأصل العرب .. بلاد عدنان وقحطان هو بلد مستقر وأن أهله يتنقلون ما بين شمال وجنوب دون عوائق أو نقاط تفتيش أو فصائل معينة أو حركات انفصال جنوبية ودون أي حرب أو حوادث وفقر وجوع ومآس، وأن الأمور تسير على ما يرام وأن اليمن يسير نحو نهضته التي لم تأت بعد! وأكملوا تخيلكم نحو مصر العظيمة صاحبة تاريخ يمتد إلى سبعة آلاف عام وأنها تسير في نهجها الديمقراطي وأمور شعبها تتقدم نحو الأمام لا أحد يشكو علة ولا مرضا ولا عائقا يقف أمام مسيرة تليق بأم الدنيا!. ولتتقدموا قليلا في تخيلكم وتنظروا إلى العراق العظيم .. عراق آشور وبابل وبلد العباسيين والأمويين والتاريخ الجميل وبلد الأحداث التي غيرت واجهة التاريخ الإسلامي وأنه حتى الآن محتفظ بذاك العبق الأصيل وأن شعبه يفخر بأنه صاحب هذا التاريخ وأنه لا شيء تغير فالعزة باقية والأمان مستتب والعدل قائم والرخاء مسكون في كل بيت والشعب متنعم آمن مستأمن على نفسه وبيته! تخيلوا معي أن بلاد المغرب العربي متوحدة لا حدود ولا فواصل ولا براميل ترابية ولا أسلاك شائكة وأن شعوبها تتنقل ما بين جزائر المليون شهيد وتونس الخضراء الجميلة والمغرب الممتد ذي التاريخ المشهود له ووصولا إلى موريتانيا التي لا تبعد عنه كثيرا وأن كل هذه الشعوب تنكر أي فوارق تفصلها أو جوازات سفر تتوقف في مطاراتها، وأن الوحدة عنوانها حتى انقضاء هذه الأرض ومن عليها .. تخيلوا كيف سيكون هذا الحال!. واشطحوا بتفكيركم لتتخيلوا معي أن فلسطين للفلسطينيين فقط لا يوجد من يجرؤ على المساس بسيادتها وأن الإسرائيليين هائمون في الأرض يبحثون عن بقعة من العالم يستوطنونها ويقيمون لهم كيانا غير معترف به بينما أرض القدس الشريف يرفل بثوب الحرية والعروبة والتاريخ ويتغنى بأنه بلد أولى القبلتين وثاني الحرمين وتكون دولته في مصاف الدول العربية والإسلامية والعالمية التي يقصدها الجميع للسياحة والزيارة والتمتع فيه! تخيلوا أن لنا وطنا عربيا كبيرا حرا ممتدا من الخليج إلى المحيط لا يشكو ضيما ولا ظلما ولا قهرا ولا فقرا ولا احتلالا ولا جوعا ولا عوزا ولا مرضا ولا موتا يترصد شعوبه عند كل زاوية وحارة.. وطن عربي له مكانته التي تحسب له أمريكا وتخاف منه روسيا وتخشى أوروبا غضبه وتقف له دول شرق آسيا احتراما وإجلالا! قلت لكم والتخيل في اللغة هو التفكر بأمر يصعب تحقيقه وقد يكون من المستحيلات التي لا يمكن أن تصير واقعا إلا إذا كنا نعيش زمن المعجزات.. زمن يمكن أن نرى فيه ما نتمناه ونتخيله لهذا الوطن العربي الكبير الذي يجبرنا واقعه الأليم على النزول للأرض وعدم التعلق بالسماء خشية أن تنكسر لنا رقبة أو يُحنى لنا ظهر فنعيش إعاقة جسدية رغم أننا نعيش إعاقة فكرية من أن يتحول هذا الوطن العربي الكبير إلى وطن لا يُستهان به ولا إهانة له ولا مهانة فيه!. ◄ فاصلة أخيرة : من قال إن التخيل أمر غير جيد؟! .. هو تمرين للعقل لكن يبدو أنه تمرين منهك!. [email protected]