11 أكتوبر 2025
تسجيليشكل العنف ظاهرة تلازم الانسان وتنتشر بين مختلف جوانب النسيج الاجتماعي بغض النظر عن الاختلافات البيئية والثقافية وتترك آثارها السلبية على مختلف مجالات الحياة. وقد أصبح العنف في المدارس مشكلة خطيرة في السنوات الأخيرة في كثير من البلدان بين الطلاب إضافة إلى الاعتداءات على المدرسين من قبل الطلاب، وأصبح هناك بعض التلاميذ يرفضون الذهاب إلى مدارسهم، بسبب ما يتعرضون له من عنف، خاصة إذا ما كان هذا الأمر من طفل إلى آخر بنفس المدرسة أو الفصل الدراسي. وقد يتمثل العنف في ظاهرة التنمر التي باتت تنتشر بين الطلاب من خلال تحقير بعضهم لبعض ونعتهم بألفاظ غير مهذبة أو تحقير أسرتهم وسبهم وغير ذلك من السلوكيات مما يستدعي الطلاب المتنمر عليهم استخدام العنف بحجة الدفاع عن النفس ومحاولة الانتقام ممن سبب لهم الأذى بالتعاون مع أصدقائهم وما حادثة العنف الأخيرة إلا شاهد على ذلك. وقد أظهر تقرير حديث صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة، إحصاءات مثيرة للقلق حول العنف المنتشر بين صغار السن، لاسيما طلاب المدارس، مما دفع منظمة اليونيسيف إلى إطلاق حملة تحت شعار “انهوا العنف في المدارس. قد يستغرب البعض من هذه الحوادث والسلوكيات الخاطئة التي تحدث والاتجاهات الخطرة التي تتكون لدى الأبناء فهل تساءل أحد من أفراد أسرة القائم بأعمال العنف ما السبب في ذلك ومن أين أتى هذا الطفل بكل هذا العنف وهو ما حاولوا تربيته وتنشئته بشكل جيد؟؟. إننا للأسف نحن الآباء والأمهات الذين وفرنا للطفل البيئة التي يتعلم منها العنف من خلال إتاحة الفرصة له لممارسة الألعاب الالكترونية والبرامج التي تستخدم فيها أساليب العنف المختلفة وهم في سن لا تسمح لهم بمشاهدة أو اللعب بمثل هذه الألعاب او متابعة تلك البرامج، وأصبح كل أطفالنا يتغنون بأن لديهم من أحدث البرامج التي تتسم بالعنف والانتقام والتنمر على البعض دون أن ننتبه إليهم بل إننا نترك لهم الحبل على الغارب. والمصيبة الكبرى أن الطفل أو الشاب قد يستمد سلوكيات العنف من أفلام السينما ولا أقول التلفزيون، فلم يعد لهذه الوسيلة أهمية لدى الأطفال والشباب إلا - ما رحم ربي – فنجد الأبناء في سن المراهقة بل بعضهم في سن الطفولة يقفون بالطابور في انتظار الحصول على تذكرة دخول إلى السينما لمشاهدة أفلام الاكشن والعنف ويفرحون بمشاهد الضرب والتنمر والاستهزاء على الغير، واستضعاف البعض وآخر هذه الأفلام فيلم (الجوكر) الذي تسابق الجميع لمشاهدته مما اثار فضولي وانا التي لا تحب السينما ولكن وافقت ابني على مرافقته حتى أشاهد ما الذي جعل هذا الفيلم يحصد أعلى المراتب والملايين التي وصلت إلى ( 500 ) مليون دولار. لقد كان هذا الفيلم عبارة عن حالة من التنمر تحدث لبطل الفيلم مما يثير لديه رغبة الانتقام يقتل ويثير الفزع في المجتمع، ويصل به الأمر إلى قتل أصدقائه بشكل بشع، بل يمتد ذلك العنف إلى أمه التي تبنته لأنها كذبت عليه وينتهي الفيلم بقتل مذيع برامج استضافه بكل برودة دم بل نشوة بالانتصار والفخر، لأنه انتقم لنفسه وممن يسخر منه، والغريب في الأمر أن الغالبية التي كانت تشاهد الفيلم من المراهقين الصغار الذين تركهم الأهل يتجولون في المجمعات في العطلة الأسبوعية، لقد خرجت من الفيلم وكلي قلق وتوتر، فكيف بهؤلاء الصغار رغم ان الفيلم لمن فوق 18 عاما ؟!! والصدمة التي تلقيتها خلال مشاهدة الفيلم دخول طفل لا يتعدى سن السادسة الصالة بمفرده والجلوس لمشاهد الفيلم وكانت اللقطات وقتها من أبشع مظاهر العنف والقتل، مما اضطر ابني أن يخرجه من الصالة ويوبخ المسؤول لأنه تركه يدخل وهو في هذه السن دون وجود أي أحد من أفراد أسرته. نعم من هنا يتعلم أبناؤنا العنف ويتعودون على منظر الدماء، ويتعلمون كيفية الانتقام وأسلوب التنمر وغيرها من السلوكيات التي أضرت كثيرا بهم وسببت لهم الأمراض النفسية وألهتهم عن أداء فرائض ربهم ودراستهم، فهل سينتبه أولياء الأمور والقائمون على العملية التعليمية والإعلامية إلى هذا الخطر الذي سيدمر الأبناء ويجعلهم لعبة في يد من ينشر ذلك العنف وتلك الظواهر والسلوكيات السيئة؟. [email protected]