18 سبتمبر 2025
تسجيلقد يبدو من غير المنطقي بالنسبة لدول الخليج، التي يعتمد دخلها في الغالب على صادرات النفط والغاز، أن تستثمر في قطاع الطاقة المتجددة. وفي الواقع، يبدو ذلك منطقيًا من الناحية الاستراتيجية. حيث أفادت تقارير صحفية أن مؤسسة قطر تعتزم الاستثمار بقيمة 4 مليارات جنيه إسترليني في تطوير التكنولوجيا الخضراء بالمملكة المتحدة. وتهدف الخطة إلى إنشاء مؤسسة على شكل جامعة تعمل على تطوير تكنولوجيا خضراء جديدة. ويتضمن الاستثمار صندوقًا بقيمة 1.5 مليار جنيه إسترليني لتوفير التمويل الأولي للشركات الناشئة، والشركات الواعدة، لمواكبة الثورة التكنولوجية في قطاع التكنولوجيا النظيفة. وسيكون الشريك الفني الرئيسي في هذا المشروع هو شركة رولز رويس، وسيكون الموقع المحتمل للمشروع في غرب لندن أو على مقربة منه، بحيث يكون قريبًا من مراكز التميز الحالية مثل جامعتي إمبريال كوليدج وأُكسفورد. ومن المرجح أن يثمر هذا الاستثمار عن تحقيق تحسينات في كفاءة التكنولوجيا النظيفة الحالية، فضلا عن اكتشافات جديدة. وقد أصبحت التكنولوجيا الخضراء أكثر جاذبية في السنوات الأخيرة بسبب الاعتبارات الاقتصادية والبيئية. وكلما زاد استخدام وتصنيع تكنولوجيا معينة، انخفضت التكلفة. ويبلغ عمر قانون رايت ما يقرب من قرن، حيث كان ثيودور رايت قد وضعه في ثلاثينيات القرن العشرين. وقد لاحظ رايت أن التكاليف انخفضت بنسبة 15% مع تضاعف إنتاج الطائرات، وأطلق على ذلك اسم "معدل التعلم". وفي سياق التكنولوجيا النظيفة، يساهم ذلك في عملية صنع القرار، حيث لم يعد الأمر يرتكز على أن التحول إلى "التكنولوجيا الخضراء" يرتبط بتحمل تكلفة اقتصادية صافية. وتتجه العديد من الدول والصناعات نحو تطبيق سياسة "الانبعاثات الكربونية الصافية الصفرية"، بحيث لا يؤدي النشاط البشري إلى التسبب في زيادة الكمية الصافية لانبعاثات الغازات الدفيئة التي تُعرف بأنها تتسبب في تغير المناخ. وعندما يتعلق الأمر بالحد من تغير المناخ، تكون هناك أمور على المحك أكثر بكثير من المسائل الاقتصادية، ولكن من المفيد للغاية أن يصبح التحول في مجال الطاقة ميسور التكلفة. وفي وقت لاحق من العام الحالي، وخلال الفترة ما بين شهري نوفمبر وديسمبر، ستستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، وهو أحدث مؤتمر للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ لتشجيع جهود الامتثال بالالتزامات التي تعهدت بها الدول بموجب اتفاقية باريس لعام 2015. وقد يبدو مفاجئًا أن تقوم دول الخليج بمثل هذه الالتزامات السياسية المهمة والاستثمارات الإستراتيجية للتحضير لعالم يتميز بانبعاثاته الصافية الصفرية مع الانخفاض الكبير في استخدام النفط والغاز، نظرًا للاعتماد الاقتصادي الحالي على صادرات المواد الهيدروكربونية في المنطقة. ومع ذلك، هناك ضرورة حتمية أخرى أكثر أهمية وهي أن تغير المناخ مشكلة حقيقية تتسارع حدتها وتؤثر على بلدان الشرق الأوسط بشكل مباشر. ولم تعد الحوادث الجوية المتطرفة جزءا من المستقبل المتوقع، بل إنها باتت تصاحبنا في حياتنا اليومية. فقد شهد نصف الكرة الشمالي هذا العام حرائق غابات مدمرة في اليونان وهاواي، وعواصف مطيرة شديدة، دمرت إحداها سدًا في شمال ليبيا وجرفت أجزاءً من مدينة درنة، وهو ما تسبب في مقتل الآلاف. ورغم أنه لا يمكن ربط كل ظاهرة مناخية متطرفة بدقة بتغير المناخ، فقد أكد مركز الأرصاد الجوية الليبي أن هطول الأمطار كان غير مسبوق.