19 سبتمبر 2025
تسجيلعندما يقترب المواطن العربي من الزعيم أو الحاكم العربي فرحاً بلقائه ممتناً له بهذه الفرصة العظيمة بالسماح بلقائه، لا يدرك أن هذا الحاكم أو الزعيم يراه من الداخل، يراه بتفاصيله وأحشائه ونبضات قلبه وتنفس رئتيه حسب تقرير المخابرات والقوى الأمنية المقدم إليه عنه، وقس على ذلك اليوم كثرة الرؤساء والخلفاء والزعماء والأطباء والمشخصين والقابضين على أقدار الناس ومصائرهم بتعدد الدول التي تتوالد اليوم من خضم تاريخنا الولود. "هل شققت عن قلبه" جملة عظيمة قالها معلم الإنسانية الرسول الأعظم لرجل اتهم ميتاً بالكفر، الإسلام ليس جهازاً استخبارياً، والمسلمون ليسوا جهاز أمن دولة، الإسلام ليس ديناً حلولياً، وبمعنى أن روح الله تحل في بدن المسلم كما في الاعتقاد اليهودي كشعب، وفي المسيحية تتمثل في المسيح، الإسلام علاقة اختيارية بين العبد وربه، وهنا عظمة الإسلام، "إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان". عظمة الإسلام في ستار الجهل المضروب على النوايا وما في القلوب لا يكشفه إلا الله ووضع لذلك موعداً، لذلك عندما وضع "رولز" نظريته الشهيرة عن العدالة، وضع من أهم مبادئها اعتراف كل أفراد المجتمع بستار الجهل وأهميته في إقامة مجتمع العدالة. تقرير المخابرات "الملائكي" الذي تقدمه السلطات للحاكم تعد وإساءةَ للدين والدنيا، كذلك فليست المخابرات ملائكة بقدر ما هم شياطين، وليس الحاكم إلهاً بقدر ما هو بشر خطاء. عندما يتعدى البشر على خرق ستار الجهل، يسقط التعايش، وتقوم الطائفية، عندما ترى الإنسان من الداخل لا تستطيع أن تتعامل معه إلا بقدر ما يكون شبيها لك، ومن هنا تنشأ الطائفية والفرق الأخرى بأشكالها، الإصرار على رؤية الإنسان من الداخل يسقط الأوطان، وها نحن نرى أوطاننا تتساقط وتتحول إلى طوائف تنشد المشابهة والمطابقة التامة، لا أستطيع أن أتعايش معك وأنا أراك من الداخل، أستطيع فقط أن أصنفك، معي أو ضدي وتستحق الحياة أو تستحق الموت، محاكم التفتيش الأوروبية تاريخ العار الأوروبي، وداعشيات أوروبا خلال حروبها الدينية، درس تاريخي، يجب أن نتعلمه لا أن نسعى إلى تكراره. [email protected]