18 سبتمبر 2025
تسجيل• لفت نظري وانتباهي في تجوالي أمام المحلات التجارية في شوارع هامبورغ في المانيا حقيبة يد في الزجاج الخارجي للمحل، واصررت على الدخول وشرائها، ولم يعنيني ما الماركة، ولا سعرها الباهظ، ولم اهتم أن يراني الاخرون احملها واستعرض بها، بقدر شرائي للحقيبة لأنها اعجبتني ووجدتها مميزة. • حملتها ذات مرة يوما في العمل، وصادف أن تزورني بالمكتب زميلة وبطريقة غريبة وعجيبة تثير الاستغراب والاندهاش، وربما للبعض الغضب والاستنكار، الا انني لم اظهر لها أي احساس أو استغراب، وإنما تركتها على راحتها وفضولها في فحص الحقيبة والنظر لداخلها وتقليبها، وواضح أنها تريد أن تتأكد إن كانت الحقيبة أصلية أم تقليدا أو نسخة مقلدة درجة أولى او ثانية!. • هذه الزميلة وأمثالها تجدهن من ذلك النوع والفئة البشرية التي تقيم الآخرين وعلاقاتها معهم؛ بما يحملونه من حقيبة ماركة! وما ترتديه من ساعة ومجوهرات! وما تحرص عليه من ارتداء عباءات تظهر علامتها التجارية!. • هذه الفئة يجدون قيمتهم واختيارهم للزملاء والاصحاب والصداقات الهشة القائمة على تقدير قيمتهم المادية قبل النظر لقيمتهم المعنوية واخلاقهم ومبادئهم والتزامهم وصدقهم! بل قد يقتربون منك عندما يعرفون أنك على صلة ومعرفة من اسم مشهور وشخصية لها قيمتها بنظرهم!. • تجدهم شلة ورفقة هشة، تجتمع وتجامل في مناسبات وزيارات وواجبات اجتماعية، وتخرج في رحلات وحفلات، وتحركهم المظاهر الزائفة والكذب والتأليف، بل قد يحرصون على اقتراض المال لشراء ما يجعل لهم قيمة وحضور هش وهزيل!. • مثل هذه الفئة من البشر تكون تربت ونشأت في بيئة أسرة وتقليد أم لم تحرص على زرع وبناء الثقة بقوة الايمان والمبادئ وبناء الإنسان، لينشأ جيل وأجيال أقل ما يقال عنهم سطحيون وتافهون، ولا يمكن الاعتماد عليهم في تربية جيل واسرة ولا بناء مجتمع!. • تلك المقدمة الطويلة جاءت لذاكرتي، عندما اخبرتني صديقة لموقف حصل امامها لطالبة في الصف الرابع الابتدائي عند خروجهم من المدرسة الخاصة المعروفة!. تحكي لي انها كانت تنتظر ابنتها في الانصراف وكانت الطالبات يخرجن ويقمن بالتوقيع، وهي تنتظر ابنتها لتسمع صوت من جاء دورها بالتوقيع يسبق وصولها للورقة وقبل انصرافها وتعليقها قبل توقيعها لتسمع من سبقتها ومن يقفون بصوتها وتعليقها لتصرخ قائلة: "على فكرة شنطتك تقليد!"، والمعلمة واقفة واستغربت ولم تعلق وتنقذ الاولى من الاحراج وسوء تصرف الثانية، واكتفت بالتعليق لصديقتي التي دهشت واستغربت لمستوى وتصرف الطالبة. لتقول: شفتي شو اهتمامهم في هذا العمر! بالتأكيد سلوك وتصرف واخلاق لا تعكس الا تربية هذه الطفلة وما تسمعه من والدتها ومجتمعها وأسرتها ومن حولها الذي غرس في تفكيرها هذه الهشاشة والسلوك ان قيمة الإنسان بقيمة ما يرتديه او ما يركبه من سيارة!. موقف يحتاج حسن تصرف وتلقين درس لهذا الاحراج أو التنمر السلوكي. سواء كانت حقيبتها تقليدا أو أصلية أم ممزقة، بتلقين الطالبة درسا باحترام الآخر وقيمته الحقيقية ليست بحقيبة وليست بأصلها وفصلها ومن بنته تكون! ولا بلونها ولا ملامحها وإنما بقيمة ما تحمله داخلها من اخلاق واحترام الاخرين دون تمييز ودون ماديات تعمي العيون، وتغيب العقول، وتعدم الاحساس والاخلاق. بأن تكون هي الأصل والوزن الحقيقي لحضور الإنسان وتميزه.. • آخر جرة قلم: وصلنا لنهاية 2020 وما كان ولا يزال من وباء كوفيد 19، فيروس لا يرى بالعين ولا يميز وينتقي الجسد الذي يزوره ويستقر فيه. وباء غزا العالم ولم يميز بين لون ولون ولا مستوى اجتماعي، وباء مخيف جعل الناس يدركون أن اهم قيمة الصحة والحرية والقناعة والرضا بأبسط الامور والاشياء والحياة بوجود من نحب بصحة وعافية ولكن ما نقوله ونعلمه لعقول جاهلة تتوارثها الأجيال وتستمر بتقييم الإنسان بحقيبة أصلية أو تقليد!. Tw:@salwaalmulla