16 سبتمبر 2025
تسجيلفي هذا العصر الذهبي لمنظومة الأخلاق التي يتبجح بها العالم المتحضر، والقبة الإنسانية التي تحمي البشر وتدافع مؤسسات العالم الغربي تحديدا عن حق الشعوب الشرقية والجنوبية لممارسة ديمقراطياتهم والتسلق الآمن نحو قمم الحكم، يبدو أنه تم استثناء العرق العربي من كل الحقوق والامتيازات في الإعلان العالمي الأبيض في العيش الكريم والحماية الاجتماعية وحقهم في حماية أرواحهم ودمائهم من بطش ونهش السلطات الدكتاتورية التي تلقى الدعم العسكري ثم السياسي لغايات إبقاء هذا العرق في مستوى التنفس فقط، دون شعور من أباطرة العالم الذهبي المتحضر لحجم معاناة الشعوب التي تقاوم من أجل حماية مصيرها كما يحدث في سوريا. اليوم توجه فريق التحقيق الأممي إلى منطقة دوما في الغوطة الشرقية بريف دمشق، بعد أيام على الهجوم الإرهابي الرسمي من قبل نظام الأسد ضد المواطنين الأبرياء والذي أسقط مئات القتلى بينهم عشرات الأطفال، فضلا عن أطباء قضوا متأثرين بتنفسهم لغاز الأعصاب أثناء معالجتهم للحالات المصابة حسب الأنباء، وذهاب الفريق لم يكن بترتيب جهة الرقابة الدولية، بل من قبل سلطة النظام التي ماطلت حتى وصول الفريق وأعتقد أنه لن يخرج بكثير من الأدلة بناء على جهلهم في المواقع وانقضاء فترة التحري واحتمالية تنظيف المنطقة في وقت سابق، وصعوبة إثبات مصدر الإطلاق. في المقابل اجتمع صباح الاثنين في العاصمة عمان اجتماع لقادة أركان جيوش الدول المعنية بالأزمة في سوريا، وهي معنية بتطبيق النظام الأخلاقي ضد النظام العسكري السوري الذي فقد كل موجبات بقائه بعد استخدامه لكافة الأساليب القمعية الوحشية ضد غالبية الشعب السوري في كل المناطق، خصوصا أبناء السنة هناك، ولا ندري حتى اللحظة أي قرار سوف يصدر بشأن عملية عسكرية مرتقبة ضد أهداف عسكرية لنظام الأسد وحليفه الطائفي حزب الله الشيعي المتطرف، ويأتي كل ذلك بعد دخول الحرب الظالمة على الشعب عامها الثالث، قتل وشرد فيها ملايين السوريين الفقراء والأبرياء والعالم الحرّ لا يمتلك سوى الشجب. في المقابل لو افترضنا جدلا، أو في طائف من الأحلام أن صاروخا كيميائيا سقط بطريق الخطأ داخل إسرائيل، ما الذي كان سيحدث، هل كان مجلس الأمن سيصمت كل تلك الفترة، أم أن الرئيس الأقوى في العالم السيد أوباما سيتذرع بانشغاله في ترتيب الوضع الداخلي الأمريكي، أم أن روسيا نفسها كانت ستصفق لبطولات الجيش النظامي السوري، كل ذلك لم يكن ليحدث، بل لهب العالم بأسره الصديق قبل العدو لإدانة والتحفظ على الهواء المحيط بالقصر الجمهوري للرئيس الأسد، وستطلبه العقبان الحائمة فوق الساحل السوري الطويل، وستستغرق عملية عسكرية نوعية بضعة أيام لن نسمع بعدها ذكرا لنظام البعث السوري ولا تصريحا ما لرئيس اسمه بشار الأسد أو أي من أزلامه، سيكون الأسد ونظامه في خبر كان. هذا ما يدمي القلب، عندما تكون الضحية عربية أو مسلمة، لا تسمع صوتا لقوات الردع الإنساني العالمي، فليس هناك تدخل عسكري إيجابي، لأن تلك الدماء رخيصة، بينما لو الضحية من العرق الأبيض المتمدن على الطريقة الغربية لتحركت الأساطيل تمخر عباب البحر لاحتلال الأرض التي يقال إن فيها قوات إرهابية، وليس العراق ببعيد، وليس العراق سوى مثل لازدواج المعايير الأخلاقية عند منظومة الدول الأخلاقية التي سلمت عصابات الحكم هناك ومن ورائها طوائف الحقد الإيرانية حكم العراق مجانا، فيما إسرائيل تعربد كل يوم وتقتل من تشاء دون أدنى التفاتة لها. الخلاصة: إذا لم يعتبر العرب خصوصا زعماءهم وحكوماتهم وأنظمتهم السياسية مما جرى خلال عقد مضى من نتائج الدكتاتورية الزعامية، ومن مخرجات الحرب الممنهجة ضد الشعوب في كل هبة يطالب بها الشعب بحقوقه السياسية والمدنية، وإذا لم يدرك القادة العرب أن بقاءهم مرتبط برخاء شعوبهم، وتطور بلادهم مرتبط بتقدم عقليتهم الديمقراطية، وتقدم نسبة الثقة بين الحاكم والمحكوم، وأن جرحهم لا يداويه غيرهم، فلن تقوم لأمتنا قائمة، وسنبقى فريسة لأحقاد طائفية ونزاعات سياسية وحروب داخلية حتى أمد بعيد.