19 سبتمبر 2025
تسجيلفاجأ فوز حزب الإنصاف الباكستاني بزعامة رئيس الوزراء السابق عمران خان خلال الانتخابات التكميلية بإقليم البنجاب معقل حزب الرابطة الإسلامية بزعامة الأخوين شريف لعقود، فاجأ الباكستانيين وكل المتابعين للشأن الباكستاني، حيث من أصل عشرين دائرة انتخابية حصد الحزب 15 دائرة، بينما حصد حزب الرابطة الإسلامية أربعة مقاعد، وذهب مقعد واحد للمستقلين، مما أعاد الحسابات لدى المراقبين والمعنيين في أن الانتخابات المقبلة ستكون حاسمة لصالح عمران خان، خصوصاً وأن إقليم البنجاب أكبر الأقاليم الباكستانية والذي يشكل 60 % من الباكستانيين سيكون مخترقاً لأول مرة في تاريخ السياسة الباكستانية من غير حزب الرابطة الإسلامية. بلا شك فإن هذا الفوز الساحق، شكل هزيمة وإذلالاً شعبياً لحزب الرابطة الإسلامية الذي ظلّ يتغنى بتحكمه بالإقليم، فيشكل فيه الحكومات الإقليمية المتعاقبة، والتي كانت منافسة لأي حكومة مركزية معارضة له في إسلام آباد، لكن هذه المرة يبدو أن الأمر لن يكون كما عهده حزب الرابطة تاريخياً، وهو ما يعني أن مستقبلاً سياسياً جديداً قد يكون بانتظار البلد بعد هذه الاختراقات غير المتوقعة من قبل خان للإقليم. كشفت الانتخابات التكميلية أيضاً عن حشود من السيل الشعبي الذي أتى من كل فج عميق مستمعاً لخطب عمران خان، وهي أعداد جماهيرية لم يسبق أن شاركت بهذا الحجم من قبل، عززه الحزب بقدرة أكبر وأفضل على التنظيم من الأحزاب التقليدية الديناصورية التي طبعت السياسة الباكستانية لعقود في عملية غدت أشبه ما تكون بلعبة الكراسي الموسيقية، بحيث يفوز مرة حزب الرابطة وأخرى حزب الشعب الباكستاني وهكذا دواليك، وظهر تنظيم حزب خان في تركيزه على مواقع السوشيال ميديا حيث مرتادوها من الطبقة الشبابية الذين يشكلون أكثر من 70% من الشعب الباكستاني، مما عكس ديناميات جديدة في السياسة الباكستانية، استثمرها الحزب بشكل جيد وفعال أكثر من منافسيه الآخرين، وقد ترجم ذلك بوضوح بفوزه في الانتخابات التكميلية الأخيرة. اعتمد خان وحزبه منذ إزاحتهم عن السلطة في إبريل/ نيسان الماضي على مظلومية خلعه عن السلطة قبل أن يكمل دورته، فاستطاع أن يكسب زخماً شعبياً كبيراً على أنه ضحية مؤامرة أمريكية وأدواتها في باكستان التي أزاحته عن السلطة، فجلبت مجموعة من اللصوص والفاسدين كما دأب على القول في كل خطاباته وكلماته، هي المظلومة ذاتها التي قادت بي نظير إلى السلطة بعد عودتها إلى باكستان عام 1988 يوم سمح لها ضياء الحق، فاستغلت إعدام والدها ذو الفقار علي بوتو القديمة، ومظلوميته ومظلومية عائلتها في حشد الباكستانيين، وهو ما كرره كذلك زوجها آصف علي زرداري عام 2008 بعد اغتيالها ففاز بشكل ساحق، فوصل إلى رئاسة الدولة، وهو منصب ما كان له أن يصله لولا المظلومية التي أتقن استخدامها، وكرر شعار المظلومية لاحقاً نواز شريف ضد خصمه الجنرال برفيز مشرف الذي انقلب عليه، ليعود إلى السلطة بأقوى من السابق، واليوم يستغل ذلك عمران خان بوجه خصومه. البعض يحلو أن يشبه فوز عمران خان على حزب المؤسسة، وهو الرابطة الإسلامية بفوز حزب عوامي ليك البنغالي على حزب بوتو عام 1970، حين رفض الأخير ومعه المؤسسة نتائج الانتخابات فكانت العاقبة تقسيم باكستان إلى غربية وشرقية، ولذا يخشى البعض أن يقود فوز عمران خان إلى عدم التسليم من قبل الرابطة الإسلامية بالنتائج الحالية أو نتائج الانتخابات النهائية، ولكن باعتقادي أن الأوضاع والظروف غير متشابهة، وحزب الرابطة الإسلامية غير حزب بوتو عام 1970، بالإضافة إلى أن أحد زعماء الحزب وهي مريم شريف ابنة نواز شريف زعيم الحزب سارعت إلى تهنئة عمران خان بالفوز مما عكس أن صندوق الاقتراع هو الحكم، لا صندوق الذخيرة الذي كان الحكَم في عام 1970.