16 سبتمبر 2025

تسجيل

نـرجــوكــم حـافظــوا علـى ثـورة اليـاسميــن !

27 يوليو 2021

لم يكن غريبا أن تنتقل إلى نقطة البداية في جدول الثورات العربية والتي بدأت من البلد الجميل والشقيق (تونس الخضراء) بثورة عارمة على الرئيس المخلوع الراحل زين العابدين بن علي، سميت آنذاك بثورة الياسمين، كان قد فجرها المواطن العاطل عن العمل محمد البوعزيزي، والذي سأم من الوعود والأبواب المغلقة في وجهه رغم حصوله على أعلى الشهادات الدراسية، فما كان منه سوى إحراق نفسه أمام البرلمان التونسي الذي كان قد تجاهل وقوف هذا الشاب أمام بوابته الكبيرة كل يوم لتفجر النيران المشتعلة بجسده الضئيل غضب الشعب التونسي والذي خرج عن بكرة أبيه بعبارة باتت متداولة متوارثة في باقي دول الثورات العربية وهي (الشعب يريد إسقاط النظام)، وبالفعل نجحت الثورة وانضم الجيش لرغبة الشعب وهرب بن علي، بعد أن حاول يائسا أن يهدئ من ثورة شعبه ضده بكلمة (فهمتكم)، ولكن ما كان لم يكن آنذاك ليعود وتعلن تونس انتصارها الشعبي الكبير وتمضي متفردة بنجاحها الوحيد الذي لم تستطع أي دولة عربية أرادت استنساخ ثورة الياسمين على أرضها أن تنجح، وأن تنقل التجربة التونسية بحذافيرها لتمضي هي الأخرى إلى ما مضى إليه التونسيون بعد نجاح ثورتهم التي كنا نظن أنها ستكون بوابة التونسيين الكبرى إلى عالم من الاستقرار والديمقراطية الحرة، لكننا وبعد سنوات عجاف من تاريخ الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي الذي حقيقة لم يأت كليا بل أحال دولا عربية كبرى إلى ساحات من الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية، ناهيكم عن أزمات الفقر والجوع والتهجير والمرض والدمار وفقدان الأمان. نعود مرة أخرى إلى باحة تونس العزيزة فعلا على قلب كل مواطن عربي ولكن من بوابة تهدد فعلا استقرار هذا البلد الذي قوضه انهيار المنظومة الصحية في البلاد وتفشي فيروس كورونا القاتل فيه، ليأتي حل البرلمان الرسمي ورفع الحصانة عن كافة أعضائه بدءا من رئيس البرلمان ونوابه ونهاية بالمنتسبين له الحدث الأكبر الذي جعل الكثيرين من مؤيدي القرار ومثلهم من المعارضين له يخرجون في الشوارع، مما سيؤدي بلا شك لتجمهر الآلاف لاحقا ثم الملايين لتصبح ثورة غير معلومة الأهداف إن كانت لإسقاط النظام أو لأسباب أخرى يُخشى أن تتنوع وتفرق ملايين التونسيين عما جمعهم في ثورة الياسمين، وهذا ما نخشاه كأشقاء عرب نود لهذا البلد الجميل أن يحل كل مشكلاته بالحوار لا التعنت في الرأي وأن يسعى الرئيس التونسي قيس سعيد إلى استعادة مفاهيم وأساسيات الثورة التاريخية التي انتخبته لاحقا ليكون رئيسا للبلاد عبر انتخابات حرة لم تشهدها تونس منذ عقود، وهذا هو ما نتمناه فعلا لمراقبين للشأن التونسي ومحبين لدولة تونس الشقيقة التي كانت فجرا للثورات العربية، ولا يمكن أن نتمنى أن تكون سماءً للمغيب فيها بصورة لا نرجوها لا للحكومة ولا للشعب. هرمنا.. هي الكلمة التي رددها مواطن تونسي مسن قالها في أعقاب ثورة الياسمين، وقد يقولها الملايين اليوم وهم يشهدون بوادر زعزعة الاستقرار في بلادهم بعد اعوام قضوها لحل مشكلاتهم الداخلية التي ظل بعضها عالقا حتى لحظة انهيار المنظومة الصحية الرسمية وازدياد أعداد المصابين بفيروس كورونا دون تلقي الرعاية الطبية اللازمة، ولكن في الوقت الذي كان من المنتظر أن يتم حل أزمة كوفيد 19 وأزمة نقص الأدوية وأزمة البطالة وتراجع العملة الوطنية كان حل البرلمان الحكومي هو الأسرع، وكل ما نخشاه أن تتدهور الأوضاع ويعود التونسيون لنقطة الصفر، وندعو الله مخلصين أن يتم على الشعب التونسي أمان بلادهم وأمنهم واستقرارهم وألا تذهب دروس (الياسمين) هباء وأن تبقى رائحتها تخيم على هذه الأرض الطيبة. @[email protected] @ebtesam777