12 سبتمبر 2025

تسجيل

أطفالنا وشبابنا بانتظار تحقيق أمنيتين غاليتين

27 يوليو 2016

هناك جملة أمنيات ترتبط بمجموعة وقائع ومستجدات تابعتها أو اطلعت عليها عن كثب في الآونة الأخيرة، وأعرب عن أملي في أن تتحقق في واقعنا العربي لما لها من انعكاس مؤثّر على حاضر ومستقبل مجتمعاتنا كونها تتعلّق بشرائح الناشئة واليافعين والشباب وأكتفي هنا بالإشارة إلى أمنيتين: ـ خلال هذا الشهر صدرت نتائج الثانوية العامة في أكثر من بلد عربي، وما لفتني أن عددا من الحاصلين على المراكز الأولى أو مراكز متقدمة في سلم التفوق كانوا من الذين يعانون ظروفا صعبة كاللاجئين السوريين في عدد من الدول المجاورة لبلدانهم، أو في قطاع غزة برغم فقد أهليهم، أو تهدم بيوتهم، أو معاناتهم من ظروف صعبة، بسبب عدم توفر الأساسيات لحياتهم.إنها ظاهرة متكررة، وكثيرون من هؤلاء قد لا يتمكنون من متابعة دراستهم الجامعية، أو من دخول الجامعات والكليات التي تليق بهم، بسبب مصاريفها التي لايطيقونها، والعديد منهم أفصح في الحوارات التي أجريت معهم عن رغبتهم بالحصول على منح ليستطيعوا إكمال مشوارهم العلمي وتميّزهم الدراسي. وفي غير التحصيل العلمي نبغت مثل هذه الشرائح التي تعاني ظروفا استثنائية أو تئن تحت وطأة الفقر على مستوى المواهب والابتكار والإبداع، وربما لم تلق الدعم والتشجيع الذي يرعى مواهبهم وينمّيها.والأمنية الأولى التي آمل أن تتجسد على أرض الواقع هي أن تستثمر الأنظمة العربية ـ ولا يقتصر الأمر على الميسورة منها ـ وكذلك المؤسسات الثقافية والجمعيات الخيرية في أصحاب التميز العلمي والإبداعي من هذه الشرائح، وذلك بتخصيص منح دراسية لهم على المستوى الجامعي والدراسات العليا، وإنشاء صناديق خاصة ترعى إبداعهمـ لأنهم ثروة ينبغي أن لايستهان بها. أعرف أن هناك جهودا مبذولة في هذا المجال، ولكنها محدودة ومتواضعة ولا تفي بالاحتياج. ـ قبل أيام شاهدت في إحدى دور السينما فيلم جديد Finding Dory / أو البحث عن دوري، وهو فيلم انيمشن منتج بحرفية عالية، من توزيع والت ديزتي، حظي بمشاهدة عالية وتقييم ممتاز حوالي ١٠/٨ وفق موقع IMDB. يحكي الفيلم قصة مغامرات سمكة صغيرة بعد أن فقدت والديها، وتاهت في أعماق البحار، بسبب فقدانها للذاكرة، إلى أن عثرت عليهما وعلى بيتها الآمن في نهاية المطاف، وبمساعدة أحياء البحر.. الفيلم يلامس هما إنسانيا مرهفا تلتقي فيه جميع المخلوقات، ويقلب كثيرا من مواجع الطفولة المكلومة للشعوب التي تعاني بسبب مآسي الفقد والاختطاف المصاحب للنزوح واللجوء، نتيجة الحروب والفقر المدقع، كما في سوريا والعراق وغيرهما، أو الطفولة التي تصنف في خانة ذوي الاحتياجات الخاصة.وقرأت قبل أيام سيرة كاتب الأطفال البريطاني العالمي "رُولْدْ دال" الذي اشتهر بروايته الثانية للأطفال، وعنوانها "تشارلي ومصنع الشوكلاتة"، حيث بيع منها ملايين النسخ.وتابعت مؤخرا الجدل المحتدم حول على لعبة بوكيمون التي تمزج بين العالمين الحقيقي والافتراضي، والاكتساح الذي حققته عالميا لدى الكبار والصغار، وتعلقهم بها إلى حد الهوس، بغضّ النظر عن سلبياتها، والمحاذير المرتبطة بها. والأمنية الثانية التي آمل تحقيقها هنا هو توفير صناعة راقية في مجالات الثقافة والتربية والإعلام والترفيه الخاصة بأطفالنا العرب، وتأسيس مؤسسات كبيرة تراعي خصوصياتنا الثقافية، وتكون قادرة على جذبهم وتلبية احتياجاتهم من المتجات المختلفة، بدلا من أن نظل نشكو من تعلق أطفالنا بتوافه الأمور، أو نخشى من تعرضهم للوثة المواد التي تصنّع من بيئات غير بيئاتهم، وتغرس قيما وسلوكيات سلبية فيهم. مؤسسات تنتج مواد مطبوعة كالكتب والمجلات، لتعوّد أطفالنا على حب القراءة والاطلاع، وتحوّلها إلى أعمال سينمائية مشوّقة، وتصنّع لهم الألعاب الإلكترونية ومواد الترفيه الأخرى، وتواكب التطورات المتسارعة للتكنولوجيا وتقنيات التواصل، وترعى المواهب وتنمّي مهاراتها المختلفة لدى الأطفال، وتوفر لها المنابر المختلفة التي تكفل حقهم في التعبير عن رأيهم بثقة واقتدار منذ نعومة الأظفار. كلّ تأخر في تحويل هاتين الأمنيتين لواقع ملموس يقابلهما خسارة على حساب أهم شرائح مجتمعاتنا تأثّرا وتأثيرا.