03 أكتوبر 2025
تسجيلبالأمس القريب فقدناها، وفقدنا ضحكتها وابتسامتها التي لا تفارق شفتيها، لم نستطع أن نراها، أبعدها المرض عنا ولم نحظ بلحظة معها قبل مفارقتها لهذه الحياة. (بهية) وما أدراك من بهية، تلك الإنسانة التي جمعتنا معها الغربة وتحدي المجتمع للسفر للخارج من أجل الدراسة في وقت عصى على الكثير من الفتيات أن يحققن حلمهن بالدراسة خارج الوطن بتخصصات مختلفة عن مهنة التدريس، تخصصات كانت نادرة بين أبناء الوطن والتي هو في حاجتها، فكانت تلك الغربة الجميلة التي زينها وجودنا نحن فتيات قطر في بيت الطالبات بالقاهرة. تخصصات مختلفة ومهمة عدنا بعدها لنقدم للوطن بعض ما أعطانا إياه ولنثبت نحن الفتيات أننا كنا على قدر المسؤولية وافتخر بنا أهلونا، لنكون بداية وتشجيع لمن بعدنا. بهية كانت في تلك الغربة كالأم للجميع رغم صغر سنها، تحنو على هذه وتقدم العون لتلك وتسهر مع غيرها وهكذا، ودراستها للطب أعطتها روح العطاء والمحبة والبذل، تعطي بلا أي منة ولا مقابل، ترافق للطبيب، تساعد في الدراسة، تتنازل عن حقها بشيء ما لغيرها، تنصح بحب وصدق وإخلاص، تقف في الأزمات، كل واحدة منا كان لها موقف معها لن تنساه، لم تبتعد عنا حتى بعد عودتنا للبلاد والعمل، تواصلت معنا، وقدمت لنا كل التشجيع والدعم والنصح حتى في حياتنا الاجتماعية. مواقفها مسجلة في ذاكراتنا، وموقفها معي شخصيا حيث استطاعت بفضل الله تعالى وتعليمات الطبيب الذي اتصلت به بعد حادثة اختناقي بالغاز انقاذ حياتي، حيث استمرت بعمل طريقة قبلة الحياة لي طوال الطريق حتى المستشفى حيث كنت في حالة خطرة لطول مكوثي في الحمام المليء بالغاز، موقف شهد لها فيه الجميع بشجاعتها وكفاءتها ولم تتركني لحظة حتى غادرت المستشفى، (بهية) وهي بهية في طلتها وتعاملها وطيبة قلبها واخلاصها. رحلت (بهية) ولكن لم ترحل كلماتها التي ما زالت راسخة في ذهني عندما تزوجت وأنجبت عملت وغير ذلك. (بهية) أعطتنا الكثير وأعطت الوطن أكثر فهي من نساء قطر الرائدات في مجال طب الأنف والأذن والحنجرة يتذكرها الكثير من المرضى في مستشفى حمد وفي عيادتها الخارجية كونها هي أول قطرية تنشئ عيادة خاصة لهذا التخصص وهي أيضا أول طبيبة قطرية تفتتح صيدلية في سوق واقف لتقدم خبرتها في هذا المجال، لتكون قد ردت بعض الجميل للوطن، وكانت تعبر عن ذلك بما كانت تكتبه وتنشد به الشعر. (بهية) جمعتنا دائما في رحلاتنا وجلساتنا في العطلات وكانت تخشى علينا وتشرف على تواجدنا وتعمل على أن نكون في أحسن حال. والجميل أنها جمعتنا بعد وفاتها لتكون لنا جلسة مع صديقات العمر والغربة بعد سنوات من البعد بسبب الشؤون الأسرية والارتباطات الاجتماعية، وها نحن نجتمع ونتذاكر حياتنا الجامعية وحكايات بيت الطالبات في شارع طيبة بالقاهرة وروحها الزكية تحوم حولنا وصورتها لا تفارق مخيلتنا، رحمك الله يا (بهية) وأنار الله قبرك ببهاء نوره وجعلك من ساكني الجنة ونعيمها. [email protected]