25 سبتمبر 2025

تسجيل

أحلام مشروعة للأمة بعد فوز الحالة الثورية بمصر

27 يونيو 2012

وأخيرا انقشع غبار الانتخابات المصرية بعد طول انتظار، وأعلن محمد مرسي رئيسا لجمهورية مصر العربية، بكل ما لهذا الفوز المستحق من انعكاسات مهمة على الوضعين المصري والعربي. لم يأت هذا الانتصار سهلا يسيرا، بل مرّ بكثير من المطبّات، وواجه الكثير من التحديات والعقبات والصعاب، ولعل هذا قد يكون فيه خيرا كثيرا، وإن بدا في ظاهره شرا، " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم " . لقد فتحت هذه التحديات عيون قوى الثورة وشبابها والتنظيمات المؤيدة لها على أمور متعددة، وحقائق مهمة تصلح أن تكون دليل عمل لهم، أو خارطة سير لطريقة تعاونهم ومسلكهم السياسي، في مواجهة حالة تريد كيدا بنضالهم، وإجهاضا لحراكهم الثوري، أو حرفا له عن مساره الواضح، أو فرملة لانطلاقته القوية، أو وضعا للعصي في دواليب تحركه، وهو ما أدى فعليا إلى التكتل والتعاون والتنسيق، وإعادة النظر في بعض التصرفات الحزبية والحركية، ولا أعتقد أن هذا كان ليحدث لولا دخول أحمد شفيق وعمر سليمان على خط الترشح بقوة، أو منع مرشحين من المحسوبين على التيار الإسلامي كخيرت الشاطر وحازم أبو إسماعيل بشخصياتهم الكاريزمية. وقد انعكس مجمل ذلك على: ـ العودة إلى التعاون والتنسيق والتكامل بين فصائل الثورة وبين الأحزاب المحسوبة على الحراك الثوري، ليس في الميدان لمواجهة قرارات العسكر، كحلّ مجلس الشعب، والإعلان الدستوري، وسلب صلاحيات الرئيس فحسب، بل في الشراكة المنتظرة في إدارة دفة الحكم في البلاد من خلال الحكومة ونواب الرئيس، خلال الفترة القادمة، بعيدا عن الاستئثار بالسلطة أو التغول أو الانفراد فيها على حساب الغير. ـ مراجعة التيار الإسلامي لمسلكه، وبخاصة حزب الحرية والعدالة، وحزب النور، فالإخوان المسلمون كأقوى حزب تنظيما وشعبية، قبلوا بمشاركة الآخرين لهم، بعد أن لم يفعلوا ذلك في تشكيلات لجان مجلس الشعب والجمعية التأسيسية للدستور، وكذلك كانت الأنانية الحزبية هي السائدة لدى القوى الأخرى، حتى كاد الموقف العام يودي بهم جميعا. وعندما عادت اللحمة ووحدة الصف لمكونات واسعة من أطياف حركتهم بعد الخوف من إعلان شفيق رئيسا بدلا من مرسي، وبعد الإعلان الدستوري، وبعد قرار النزول لميدان التحرير والبقاء الشعبي تغيرت الأمور وتبدلت في المشهد السياسي العام لصالح الثورة. أما فوز مرسي فكان له انعكاسات مهمة على الحالة الثورية المصرية، وحالة الثورات العربية لعل من أهمها: ـ انتصار إضافي لقائمة انتصاراتها، فكثيرون كانوا يراهنون على سقوط الثورة في امتحان تتعرض له سواء لجهة التأييد الشعبي، وهو ما يعني انفضاض الناس عن خطها الأصيل، أو تعبهم من مواصلة السير معها، أو تأييد الخط المناقض لها، وتصديق الدعاية التي أتقنوها بمكر واقتدار، أو لجهة عدم استطاعتها تحقيق أهدافها في الانتقال لحياة تتجسد فيها قيم العدل والخير والمساواة والكرامة الإنسانية، فالثورة والحالة الثورية وسيلة وليست غاية، وانعطافة تاريخية ضمن سياقات معينة، ينبغي أن تليها المراحل الأهم وهي: بناء دولة القانون والاستقرار والحياة الكريمة. لقد كانت هناك تخوفات جدية من عودة الفلول، وبقايا النظام القديم بكل ما يعني ذلك من تكريس للظلم والعودة لذكريات الماضي البغيض وبكل ما فيه من فساد، ووأد المولود الجديد في مهده. ـ منح الأمل لحركات الربيع العربي الأخرى القائم منها، والذي ينتظر دوره، ولكل أنصار الحرية فيها في العالمين العربي والإسلامي والعالم، فهذا النصر يمنح الثوار أملا في الانتصار على الظلم مهما طال ليله، وتكالبت قواه الماكرة، ويشكل رافعة دعم معنوي ومادي للثورات الأخرى، وفي مقدمتها الثورة السورية، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني لتقوية حالته، والدفع برفع الحصار الجائر عنه. ـ الأمل بتقديم نموذج مختلف في الحكم وإدارة البلاد، حيث يكون الحاكم خادما لشعبه، وليس الشعب خادما له، ويصبح الوطن للجميع، وليس لطغمة تتحكم في مقدراته وقراراته المصيرية، وتمتص خيراته، وتعيث فيها فسادا. وطن ينعم فيه الجميع بالكرامة البشرية، والحياة الكريمة والاستقلال. ـ الرجاء باستعادة الأمة لدورها الحضاري الريادي على مستوى العالم وبين الأمم، كما كانت بعد أن تستعيد زمام قراراتها، وتمتلك أسباب قوتها، وتعمل على بناء وتحقيق نهضتها المنشودة، وتغير من صورتها الذهنية التي سادت منذ عقود، حيث كان الضعف والفساد والتبعية على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، والضعف والهوان هو سيد الموقف في عالمنا العربي. أملنا بالله كبير، ومن حق أمتنا أن تحلم وترجو وتؤمّل في لحظات الفرح والانتصار.