09 سبتمبر 2025
تسجيلتتجه أنظار العالم هذه الأيام إلى العاصمة الإيرانية طهران، حيث وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته في حادث سقوط طائرة، وتعيين بديل له والاستعداد للانتخابات القادمة، لكن هناك سؤال يشغل الشرق والغرب، الشرق مهووس بفكرة كيف سيكون الرئيس الإيراني القادم، وعلاقته مع الجيران، والغرب منشغل بكيفية زعزعة النظام الإيراني وخلق حالة انقسام محلية إعلامياً أو على أرض الواقع. إن مستقبل إيران ما بعد مقتل رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي يتوقف على عدة عوامل، بما في ذلك قدرة النظام على استيعاب الصدمة وتعيين قيادة جديدة وهو ما حدث بتعيين محمد مخبر الذي من غير المتوقع أن يحدث ثورة في النظام، بل سيكون دوره الإشراف على الانتخابات القادمة، والعامل الآخر هو كيفية شغل غياب رئيسي الذي كان يتوقع أن يلعب دوراً أكبر في مستقبل إيران ما بعد الرئاسة، وكيف يمكن للرئيس القادم أن يحل المشاكل المتعلقة بالبطالة والاقتصاد والكثير من القضايا الاجتماعية، وقبل ذلك التهديدات الأمنية لأمن البلاد وأفراد النظام الي تكررت حوادثها المجهولة أو المتعمدة المعلنة. المتأمل أن يلعب الرئيس القادم دوراً كبيراً في إيران خارج طبيعة الإطار السياسي الإيراني لا يعرف النظام الإيراني حق المعرفة حتى الآن، فالنظام يعتمد على هيكل سياسي وديني معقد يتمثل في ولاية الفقيه، حيث يجمع المرشد الأعلى بين السلطات الدينية والسياسية، مما يمنحه سلطة كبيرة وقوة مركزية في اتخاذ القرارات. وتمتلك إيران مؤسسات أمنية وعسكرية قوية وموالية للنظام، مثل الحرس الثوري الإيراني، الذي يلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على الأمن الداخلي ومواجهة التهديدات الخارجية. ويستفيد النظام من قاعدة دعم شعبية مستمدة من الشرعية الثورية والتأييد الأيديولوجي، حيث يتم تعبئة الجماهير من خلال الخطاب الديني والثوري. كما يستخدم النظام سياسات اقتصادية واجتماعية لتهدئة الطبقات الفقيرة والمحرومة، وذلك من خلال توفير الدعم والإعانات والوظائف في القطاع الحكومي، مما يساهم في تخفيف الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن تهدد الاستقرار. لقد تغير الرؤساء في الفترة الأخيرة ما بين متشدد (نجاد) وإصلاحي كما أطلق عليه (خاتمي) لكن السياسية الإيرانية بقيت واحدة، فهي تتحرك عن طريق وزارة الخارجية، التي تأتمر بقواعد النظام العام الذي يصيغه مكتب المرشد. هذه العوامل مجتمعة تمنح النظام الإيراني قدرة على التماسك والبقاء في مواجهة التحديات المختلفة. لن تختلف إيران قبل رئيسي عن بعده إلا بناء على الظروف المحيطة بها وقدرتها على اتخاذ قرارات مرنة في التعاطي معها كما كانت تفعل معها، سواء التطبيع الخليجي بعد العدوان على غزة إن تم أو التهديدات الأمريكية في حال وصول ترامب للسلطة (وربما انقلاب بعض أصدقاء اليوم بسبب ترامب) وليس نهاية بتحريك الداخل المضطرب أصلا من قبل الغرب. إن التحدي الأكبر الذي سيواجه إيران لن يكون خارجياً أبداً، فلا أحد قادر على غزو بلد بهذه الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية والأيدلوجيا الاجتماعية، لكن الغرب بالتأكيد يعمل منذ سنوات وسيواصل على إسقاط النظام داخلياً، واليوم مع تكرار الحوادث المريبة والمفاجئة بات السؤال حول وجود دولة عميقة في النظام الإيراني مشروعاً، وهل هذه الدولة واحدة أم متعددة، وهل هي في النظام السياسي أم في الحرس الثوري، أم أن هناك فصائل متعددة اليوم تعمل على السيطرة على مستقبل النظام. إيران لن تختلف بعد رئيسي، فالرئيس ليس اللاعب الرئيسي في السياسة والنظام الإيراني، لكن من المهم البحث عن بديل له في الدور المستقبلي الذي كان سيلعبه في مرحلة ما بعد الرئاسة، لأن غياب رئيسي كرئيس لا تأثير كبير له، لكنه بالتأكيد سيشكل اختلافا كبيراً في إيران المستقبل... ما بعد خامنئي.