11 سبتمبر 2025

تسجيل

عذراً يا عمتاه

27 مايو 2016

إنها الدمعة..تلك القطرات المالحة التي تخرج من عينيك هي أقل ما يمكن أن تقدمه رحمة ومحبة وشفقة وشوقًا وحزنًا وإخلاصًا لأي شخص وهي الألم الصادق والفرحة الكبرى والتعبير الأضعف... أتعجب كثيرًا كيف تغلب هذه الدمعات والقطرات قلوب الرجال الكبار عندما تكون قطرات قلب يُعتصر همًا وألمًا بل ورحمة وشفقة بل وفراقا وحسرة كيف لتلك اللحظات الجميلة أن تترجم في ساعة الفراق ألمًا ودمعًا فتظهر الإنسانية ويظهر ضعفنا وحبنا كيف لسنين الحياة بدفء مشاعرها وحنان عشرتها وصدق نيتها أن تنتهي بدمع يتقطر ألمًا من قلوبنا؟...هل هي تلك الحياة التي نولد فيها فنبكي ونتركها فراقًا فيبكون؟ أهي تلك الحياة التي يفرحون بنا عندما نأتي إليها ونبكي نحن عليهم عندما يذهبون عنا وعنها؟لم أشاهد الإنسان يضعف مستسلمًا إلا عندما يمرض هو يعجز والطبيب يعجز والابن يعجز والزوج يعجز والأخ يعجز وكلنا نقف لا حول لنا ولا قوة وكلنا ننتظر ساعة الفراق ونحن نشاهد من نحب يتركنا جسدًا متهالكًا أضناه المرض ينظر إلينا بأمل المستغيث الذي يعلم أن ليس لنا إلى إنقاذه سبيل نقف بجانبه ونحن من الضعف نبتسم لنهدي له أملًا لا نملكه ثم نخرج لنبكي دموع عجزنا ولسان حالنا يردد ما قاله الله في كتابه وصدق الله إذ قال {خلق الإنسان ضعيفا}.ما أصبرنا على هذه الدنيا عندما نفارق من نحب، ما أصبرنا عليها عندما نسمع أنين ألم من نحب. قبل أيام كنت أشاهد ضحكتها تخرج من نبع إيمانها وبريق الحب يلمع في عينيها وهي على سريرها الأبيض تخفي ألمها لتسعد من حولها وتصمت لتسمع ضحكات وكلمات من أحبتهم وتنظر تأملا لمن ستفارق، كنت أقبّل يدها فيرونه احتراما ولكن قلبي كان يُحدث قلبها ويقول (عذرًا يا عمتاه فأنا الضعيف العاجز أمام القاهر القوي) وأنظر لعينيها مبتسمًا لعل في بسمتي بلسمًا يخفف عنها ألم جسدها ثم أخرج عنها وهي تدعو لنا نحن الأحياء الأصحاء فلا أملك إلا أن يدعوا بقلبي قبل لساني: يا قاهر يا قوي أنت أرحم وألطف منا فارحمها حتى ترضيها وأرضها حتى تدنيها تحت ظل عرشك وواسع كرمك وجزيل عطائك وأفض عليها فيض غفرانك وأغثها بغيث إحسانك). وأختم لأقول ما قاله محمد صلى الله عليهم وسلم عندما أحس بضعفه فقال (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين إلى من تكلني؟ إلى عدو يتجهمني؟ أم إلى قريب ملكته أمري؟ إن لم تكن ساخطًا عليَّ فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أضاءت له السموات والأرض، وأشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تحل على غضبك، أو تنزل عليَّ سخطك، ولك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بـالله).