13 سبتمبر 2025
تسجيلاستثمارات الطاقة بدول مجلس التعاون الخليجي تقفز من الطموح إلى أرض الواقع، وبتنا كخليجيين نراها واقعاً يجسد رؤى القادة في خليج موحد الهدف والمستقبل، وتعتبر استثمارات الطاقة ترجمة للاتفاقية الاقتصادية لدول المجلس في 1981 والتي نصت على تأسيس بنية تحتية للطاقة.بالأمس كانت طموحاتنا في تأسيس كيان اقتصادي خليجي، وها قد تحقق في بناء نسيج اقتصادي يقوم على الاستثمار، وتلبية الاحتياجات، والحفاظ على الموارد بأقصى قدر ممكن، وتوفير مقدرات بيئية للأجيال القادمة.تتمثل رؤى النسيج الاقتصادي في سوق خليجية، وربط كهربائي ومائي، وعملة نقدية، واتحاد جمركي، يربط دول المنطقة في وحدة تكاملية يلبي كل منها حاجة الآخر.ولفت اهتمامي بدء الخطى الأولى لمشروع الربط الكهربائي، فقد أعلنت شركة الكهرباء القطرية مؤخراً عن توقيع عقد مشروع أم الحول للطاقة بقيمة 3 مليارات ريال، وبطاقة إنتاجية تبلغ 2520 ميجاواط من الكهرباء، و136 مليون جالون من المياه يومياً، والذي يعد باكورة الحلم المشترك.وما يبعث على الفخر.. أنّ المشروع يتميز بكونه نهجاً استثمارياً نوعياً لمصدر من مصادر الطاقة، وقد انعقد بشراكات قطرية ودولية ذات باع طويل في مجال صناعة الطاقة، وهي تتزامن مع ذات الخطوات التي تنتهجها دول التعاون.فقد وضعت قطر ركيزة أساسية للاستثمار في مصادر الطاقة، وهي استدامة الطاقة، والحفاظ على الوفر في الكهرباء والماء، والاستثمار بعيد المدى.وبالرجوع إلى إحصاءات التعاون فإنّ استثمارات بناء محطات توليد للكهرباء تقدر بنحو 11.25 مليار ريال، ويتم تمويلها من شبكات كهربائية بنسبة 35% فيما 65% تمول من القطاع الخاص، والتي تعمل على تخفيض 50% من احتياطي الطاقة لدول المنطقة.كما يعمل الربط الكهربائي على خفض الاحتياط من 29%إلى 18% وفق أحدث التقديرات الخليجية، فقد حصلت المنطقة على الوفر من خلال الربط الأوليّ في عاميّ 2014و2015 بلغ مليون دولار، وقد يتجاوز الـ50 مليون دولار بحلول 2022، نظراً لزيادة الطلب عليه، وللنمو السكاني، ولاتساع النشاط الصناعي.ونجحت حكومات التعاون في رسم مراحل متدرجة لمشروع الربط الكهربائي، واضعة نصب عينيها الترشيد والاستدامة في الطاقة، ولكونها مشغلاً ومحركاً رئيسياً للمصانع والقطاعات السكنية.ينظر الخليجيون إلى شبكة الربط الكهربائي بين الدول الأعضاء بمثابة رؤية ذكية لاستغلال الطاقة بطريقة مثلى، وهو مشروع بدأت فيه دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وكندا قبل سنوات.ويأتي مجلس التعاون ليحقق مشروعاً نوعياً يمكنه من إنتاج الطاقة بوعي وتأن دون هدر لها وبما يوفر للأجيال القادمة حياة أكثر رخاء، كما أنّ نمو الطلب الدولي على الطاقة النظيفة يضع دول الخليج أمام مسؤوليات الاستفادة من الطاقة، إلى جانب توافر عوامل إستراتيجية أخرى.من مميزات الربط الكهربائي تأمين الطاقة الكهربائية لأيّ من دول المجلس عندما تتعرض لحالة طوارئ، وتحقيق عامل الوفرة الاقتصادية نتيجة الاستهلاك المشترك، وتقليل الحاجة إلى القيام بمشاريع محطات جديدة، وزيادة قوة النظام ضد أيّ تأثيرات خارجية، واستحداث نظام للربط بين تلك الأنظمة، ونقل الطاقة الكهربائية، وترشيد الاستهلاك الكهربائي، وإنشاء قاعدة بيانات لتيسير تبادل المعلومات بين الدول.والاستثمار في الطاقة سيعزز من موقع دول الخليج كلاعب أساسي في سوق الإنتاج العالمي واستجابة للحاجة المستقبلية، كما أنّ مشاريع الطاقة الكهربائية ذات إنتاجية عالية القيمة باعتبارها مشغلاً رئيسياً لمختلف المشاريع الصناعية القائمة.ومن التحديات كما نلمسها في الواقع.. كيفية بناء شبكة متكاملة من الكهرباء والماء تربط المدن الحديثة بالشبكات الحالية، وكيفية توظيف التقنية للتقليل من هدر الطاقتين، والعمل على وضع حلول بحثية أولية لمعالجة مياه الصرف الصحي واستغلال المياه الجوفية وتأمين إمدادات آمنة للمدن، كما لابد أن تتناغم الدراسات الميدانية المحلية مع التطورات الجارية عالمياً بشأن النزاع على موارد المياه وكيفية توليد الكهرباء من مصادر وافرة.وتعد احتياجات المشاريع الصناعية خلال العشر سنوات القادمة من أبرز التحديات التي تواجه منطقة الخليج باعتبارها من المشروعات التي يتزامن تنفيذها في وقت واحد، وتواكب أيضاً زيادة الاستهلاك مع التوسع في إنشاء المدن والمنشآت التي لابد أن يقابلها نمواً طبيعياً ومتوازناً في توليد الطاقة للعمل على استدامتها.فالتوجه العالمي ينحو صوب الحفاظ على المصادر الطبيعية للطاقة للإبقاء عليها، ويتطلب لتحقيق ذلك التخطيط الفعال بين المستثمرين والحكومات.ويعتبر الاستثمار في الطاقة الكهربائية من المجالات الواعدة، في ظل نمو حجم المشاريع الإنشائية والصناعية في دول الخليج، حيث تشير البيانات الأولية إلى زيادة الطلب على الكهرباء في المنطقة بشكل متسارع وأنّ الاستثمارات المزمع تنفيذها في هذا القطاع تقدر بـ"25" مليار دولار، وأنّ توجهات الاستثمار في دول التعاون ينمو في الكهرباء بنسبة "85%" بحلول 2030 مقارنة عن الاحتياجات المطلوبة قبل عشر سنوات.