18 سبتمبر 2025

تسجيل

غياب الموقف "الثقافوي"

27 أبريل 2020

إذا افتقر المجتمع للموقف "الثقافوي" أصبح مرتعا خصبا للنفاق الاجتماعي والتورية، وتوارى الاقتناع كدافع لإبداء الرأي إلى الظل وشاعت "التقية" وأبدى الناس غير الذي يضمرون، ومدحوا في النهار من يقذفونه ويسبونه في الليل. ينساق المجتمع الفاقد للمواقف الثقافية كالقطيع ويخف وزنه وتتلاعب به السلطة لأنها في الاساس لا تتعامل مع النوايا، وانما تحتاج لمن يبصم وان لم يكن مقتنعا. أهمية بناء الموقف "الثقافوي" هو أولى المراحل لتكوين الرأي العام، مجتمع بلا رأي عام مجتمع يسير في ليل دامس وسلطة بدون رأي عام تتفاعل معه وتبني من خلاله استراتيجياتها سُلطة تسير الى حيث حتفها المنتظر. نتساءل لماذا الثورة السورية أشد الثورات وأعنفها وأكثرها دموية وأغزرها تضحية، السبب أنها قامت في مجتمع قتل فيه الموقف "الثقافوي" حتى الوريد، وبقية مجتمعاتنا على درجات متقاربة من ذلك كان فيهم بصيص من المواقف الثقافية ومتنفس من تفاعل السلطة معها لا انها تراجعت وتتراجع. قناعات الناس وآراؤهم ووجهات نظرهم في مجتمعاتهم وحياتهم إذا كتمت وصودرت انقسم المجتمع وتعامل مع الخوف بالنفاق الاجتماعي والتنزيه اللامبرر ليتحول ذلك فيما بعد إلى هجاء مرير. ما هي مكونات الموقف "الثقافوي"؟ حدث يتطلب موقفا واضحا وتفاعلا فرديا معه لا ينفع هنا التفاعل معه بالعقل الجمعي للمجتمع المبني على خبرة سابقة من الماضي مثلا، وهو يختلف عن الموقف الثقافي لأنه رأي ينبع من قناعة شخصية فردية لا عن ثقافة المجتمع، يتطلب الأمر رأيا خاصا موضوعيا فيه بناء على ظروف العصر القائم. لكى يكتمل الموقف "الثقافوي" لابد من الفصل بين الذات والموضوع بين الشخص ورأيه حتى لا يحدث التصادم في المجتمع ماديا بين الافراد بدلا من حدوثه ثقاقياً. [email protected]