26 أكتوبر 2025
تسجيلجميلة هي الحياة التي نعيشها عندما نعرف أنها تقوم على أساس اليُسر والتيسير، ولكنها متعبة وشاقة عندما نزرع فيها العُقد والتعقيد، وهذه حقيقة الكثير منا، فنحن في زمن أصبحنا متخصصين في زراعة النكد في حياتنا، بل هناك من يشتري هذا النكد بتعقيداته التي جعلها في كل ركن من أركان حياته في عمله وبيته ودينه، فالدنيا سهلة يسيرة لمن عاشها حلمًا يسيرًا، وهذا الدين العظيم الذي خُلقنا من أجله هو قائم على أساس التيسير في العبادات والمعاملات مع الخالق والخلق. يقول الله عز وجل الذي أوجد لنا وأوجدنا في هذه الحياة، في كلمات أربع هي رسالة ومنهج وعمل لكل واحد منا: (يريد الله بكم اليسر)، ويكمل الله مؤكدًا: (ولا يريد بكم العسر)، ويقول: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها).للأسف هناك إصرار دائمًا لدى البعض على زرع العوائق والمشكلات وتقديم السلبيات على الإيجابيات، والحرام على الحلال، والشدة على الرحمة، بل أصبحنا نُنشئ حالة من الطباع السيئة والتعنت الذي يطرد الفرح والسعادة عن حياتنا، حتى ثقافة الاعتذار جعلناها اليوم مذمة وذلًا ومهانة، وهي في الأصل كرامة يعتز بها أهل المكارم ألغينا الابتسامة من قاموسنا ونسينا أنها صدقة، وزرعنا العبوس على وجوهنا وجعلناه سمة للقيادة نربي أجيالنا على الشدة ونسينا الرحمة والرفق الذي ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.إن أسلوب حياتنا لابد أن نعيد النظر فيه لنخلق مجتمعًا أكثر بهجة وسعادة وتفاؤلًا لكي نصل لذلك المنتج الأخلاقي، فمزرعة الأخلاق لا تنتج إلا ثمرًا حلوًا رطبًا نديا نأكله فكرًا وثقافة وتعاملًا.عندما يخبرنا محمد -صلى الله عليه وسلم¬- أن كل مخلوق ميسر لما خلق له، فلماذا نُعسر ونُعقد حياتنا وأعمالنا ونكلف أنفسنا ما لا طاقة لنا به؟إن منهج التيسير هو منهج عبادة ومنهج سعادة ومنهج حياة ومنهج أخلاق، به نأخذ وبه نُعطي وبه نربي أجيالنا ومجتمعاتنا، وفوق كل ذلك هو دين، والدين قائم عليه، وعلينا اليوم أن نعيد للمجتمع ثقافة التيسير التي هي باب للسعادة الذاتية وطريق للنجاح وملهمة للعطاء والتجدد ونقطة تغيير نغير بها حياتنا ونزيل عن كواهلنا عقدا عقدناها بأيدينا، وأن نستعيذ بالله من شر العقد ونافثيها، وهم اليوم كثر.إن ابتسامة الحياة جميلة لمن يرزقه الله تلك الابتسامة، ولن تكون إلا بمنهج التيسير، ألم نسمع قول الرسول الكريم: "يسيروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا"؟ فتلك مفاتيح السعادة والخير التي لابد أن نمتلكها قولا وعملًا وممارسة في شتى جوانب الحياة لكي نعيشها حلمًا يسيرًا وليس تعقيدًا يولد كابوسًا ويورث شقاء ينعكس سلبًا على حياتنا فنعيشها بحسرة تقض مضاجعنا لذا لابد اليوم أن نعيد بناء طرق التيسير في حياتنا.