15 سبتمبر 2025
تسجيلفي صبيحة كل يوم أقرأ في الصحافة المحلية أن المؤسسة (س) حققت أعلى نسبة في قطرنة / تقطير الوظائف، وأقرأ إعلانات لإشغال وظائف شاغرة في عدد من المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، وقرأت بين ما قرأت عن اليوم أو الأسبوع المهني ووجدت أن كل المؤسسات ممثلة في ذلك اليوم/ الأسبوع تبحث عن توظيف مواطنين في كل القطاعات. كل ذلك واقع يفرح القيادة السياسية للبلاد، ولا شك ويفرح المهتمين بأمن الوطن الوظيفي والاستراتيجي ولكني والحق صدمت بالواقع. قال أحد الأشخاص إنه تقدم لأكثر من وظيفة في حقل اختصاصه تم الإعلان عنها في الصحافة ولكنه لم يجد حتى ردا باستلام طلبه، وقالت أخرى إنها نقلت من وظيفتها في إحدى المؤسسات المصرفية إلى وظيفة أدنى ليحل محلها موظف هندي براتب ضعف راتبها علما بأنها تحمل مؤهلا أكاديميا عاليا وقضت عددا من السنين في تلك الوظيفة الأمر الذي أدى إلى تراكم خبرة مهنية في مجال عملها وعندما تظلمت قيل لها " إذا ما يعجبك العمل باستطاعتك تقديم استقالتك " هل هكذا تعالج أمور الموظف القطري؟ إنني على ثقة بأن قيادتنا الحريصة على الارتقاء بمكانة المواطن لن ترضى عن ذلك السلوك الإداري. ولما كنت أستاذا متفرغا في الجامعة أخذتها فرصة لأمر على الكثير من الدوائر الحكومية والمؤسسات المصرفية والشركات الكبرى لكي أقف على حقيقة عملية قطرنة / تقطير الوظائف. صحيح أن وزارة الداخلية حققت قفزة كبيرة في عملية توظيف المرأة ونستطيع الحكم على ذلك بالعين المجردة فلا نحتاج إلى عناء. كهرماء أيضاً تسير في ذات الاتجاه، الكارثة الكبرى هي في المؤسسات المصرفية (البنوك وشركات التأمين، ومراكز الصرافة) بعض البنوك تقول إنها حققت معدلات كبيرة في توظيف القطريين رجالا ونساء، قد يكون الأمر صحيحا لكن كل عمليات التوظيف تتم في الدرجات الدنيا. لا جدال أن في المؤسسات أنفة الذكر كفاءات قطرية اكتسبوا الخبرة في مهامهم المصرفية إلا أنهم ما برحوا في وظائف فوق الدرجة الدنيا بقليل والسبب عدم إحلالهم محل العمالة الأجنبية (غير العرب) رغم كفاءتهم وطول مدة خدمتهم يعود إلى أسباب حرص تلك العمالة الأجنبية (المديرين) على عدم وصول أي قطري / قطرية إلى مركز متقدم في الوظائف القيادية خوفا على مراكزهم المتميزة. بعض الموظفين القطريين رفع شكوى إلى إدارة العمل والبعض الآخر يرفض المديرون مقابلاتهم لسماع تظلماتهم. عندما نقول بإحلال العمالة القطرية نعني إحلالهم في الوظائف القيادية، ويلاحظ بعض الموظفين القطريين في (البنوك وشركات التأمين وغيرها) صعوبة أو استحالة حصولهم على درجة ممتاز في عملية تقييم الأداء السنوي بينما طبقة المديرين في الغالب تقييمهم لأنفسهم أو منهم مسؤولون عنهم في ذات المستوى يمنح درجة الامتياز الأمر الذي يضاعف مكافآتهم المالية في نهاية السنة. إن الدولة تفرض اللغة العربية في مؤسسات التعليم العام والجامعي ودائما ما نسمع من القيادات التعليمية أن فلسفتنا في التعليم هي الاستجابة لحاجة السوق وما نشاهده في الحياة العملية أن اللغة الإنجليزية هي سيدة الأعمال وحجج الكثير من المؤسسات المصرفية تتذرع بعدم وجود خريجين قطريين يجيدون اللغة الإنجليزية لتولي مناصب قيادية وبالتالي يصعب توظيف الخريجين القطريين وعلى ذلك فإن الحل يكمن في تعريب المؤسسات آنفة الذكر وفرض اللغة العربية في جميع أعمالها. إن إعمال اللغة العربية في جميع المؤسسات والمصالح العاملة في الدولة ضرورة أمنية واقتصادية. إن كل المؤسسات المصرفية في السعودية أو مصر أو سوريا أو غير ذلك من الدول العربية اللغة العربية سائدة في تلك المؤسسات فلماذا لا تفرض اللغة العربية على هذه المؤسسات، وأن شرط التوظف في المراكز القيادية لمن يجيد اللغتين العربية والإنجليزية. آخر القول: إن تعريب لغة العمل والعمالة في هذه المؤسسات ضرورة وطنية أمنية ملحة.ولسلامة أمن الوطن وسيادته فإن تعريب عمالة وأعمال (كيوتل) وكذلك مؤسسة الطيران القطري أمر في غاية الأهمية الأمنية. إن الأخطار محدقة بالمنطقة فلا يجوز التهاون في الأمن المصرفي والمعلوماتي والاقتصادي عامة ولا يجب التباطؤ في اتخاذ قرار التعريب عملا وعمالة والله الموفق.