11 سبتمبر 2025

تسجيل

الفيتو الذي لن يؤثر

27 مارس 2024

الواهم فقط والمتأمل وحده من يظن أن تمائم المحبة يمكن أن يُفك رهانها أو تختبص أوراق اللعب التي باتت مكشوفة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعدو الإسرائيلي بعد امتناع واشنطن عن استخدام حق النقض (الفيتو) على قرار مجلس الأمس الذي ينص على وقف إطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان ويؤدي لوقف مستدام بعد أن هدد نتنياهو البغيض أنه لن يرسل وفده الذي كان يتأهب للسفر لواشنطن لملاقاة أصدقاء إسرائيل هناك إذا لم تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو لمنع سريان هذا القرار الذي يعتبره انتصارا ساحقا لحركة المقاومة الفلسطينية حماس وفعلا توقف سفر الوفد الإسرائيلي ليتأمل من يتأمل أن خلافا واضحا بات يطفو على السطح بين الجانبين رغم تأكيدات متحدث البيت الأبيض جون كيربي بأن بلاده لن تتخلى عن إسرائيل وأنها سوف تمدها بالسلاح للدفاع عن نفسها وأن موقفها اليوم هو الموقف ذاته الذي كان عقب هجمات السابع من أكتوبر الماضي ولا يمكن لتل أبيب أن تفكر بعكس ذلك أبدا. اليوم يتأمل منا أن يؤدي كل هذا لدحرجة المسار من تحت أقدام إسرائيل إذا ما اعتبرت سريان هذا القرار نافذا ولا أستطيع أن أؤكد نفوذه على إسرائيل التي لا تعتد بأي قرار لا تراه في مصلحتها أو يدخل ضمن سياستها الإجرامية التي تراها دفاعا عن النفس من حماس (الإرهابية) ولا يعززها في نفس الاتجاه لأنني أتذكر أننا شهدنا من قبل مطبات على نفس الشاكلة بين تل أبيب وواشنطن وسارت بنا الآمال نحو أن تتعثر الخطى ويقع حيلهم بينهم كما يقولون لكننا في كل مرة نرى بأنهما يعودان كما كانا بل وأفضل خصوصا وأن واشنطن ترى انها راعية فعلية وحاضنة رئيسية لهذا الكيان المزروع في قلب أمتنا العربية وأن وجوده شرعي خصوصا بعد أن نشطت رياح التطبيع العربية الإسرائيلية وكان يمكن أن تنشط أكثر لدول أخرى خليجية وعربية لولا عملية طوفان الأقصى التي بعثرت بأوراق التطبيع التي كانت معدة للتوقيع بين أطراف عربية وإسرائيل على حد قول إعلام أمريكي وإسرائيلي، لذا لا يمكن لهذه المرة أن تفلح فيما فشلت به سابقا وأن تفسد العلاقات الإسرائيلية الأمريكية لهذا السبب ذلك أن واشنطن قادرة بلا شك على تطييب الخاطر الإسرائيلي تماما وإرضائه بالصورة التي تراها إسرائيل ممكنة كما أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح لأحد بفك تمائم هذه العلاقات التي نمت منذ نشأة إسرائيل وتوالي الرؤساء على قيادة البيت الأبيض واعتبارهم أن تقديم الولاء لإسرائيل يمكن أن يكون مقدما على قسمهم بولاية نزيهة تصب في صالح البلاد والشعب الأمريكي ولا يمكن لامتناع واشنطن عن استخدام الفيتو لقرار تعلم تل أبيب بأنها لن تلتزم به مطلقا أو بتنفيذه واقعا يمكن أن يعزز من آمالنا ممن نريد لهذه العلاقات أن تسوء ولو حتى قليلا فالقرار في النهاية يشبه ما سبقه من قرارات لم يستوقفها فيتو أمريكي لكنها صدرت بما اعتبرته إسرائيل مخالفا لأهدافها ورمت به في قارعة الطريق ولم تأبه به وظلت علاقاتها مع البيت الأبيض عامرة بالتعاون والود والمصالح المشتركة لأن العرب كانوا أولى بأن يغيروا مسار الأحداث في غزة وكان لسكوتهم وعدم تحريك أوراق التطبيع التي قالوا بأن امتلاكهم لها لصالح الفلسطينيين السبب الرئيسي في تدهورها بالصورة الدامية التي ما زلنا نشاهدها بصمت يمعن في قتلهم أكثر، فالمطبعون أشاحوا بظهورهم لكل ما يجري ورأوا أنه أمر لا يعنيهم من بعيد أو قريب حتى الشعوب التي كانت تنتفض في بداية العدوان عادت وهدأت ولم تقل شيئا رغم الفظائع التي لا تزال توسم في قتلنا واعتبارنا أمة إنما أخذت عروبتها وراثة ودينها فطرة وشعورها دراما!.