12 سبتمبر 2025

تسجيل

لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون

27 مارس 2023

«ولكلّ أُمّة أَجَل فإذا جاءَ أَجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون». في هذه الآية الكريمة ما يُعين المؤمنين في لبنان لا الطائفيين والمذهبيين على المُضي قدمًا في هذا البلد غير الأمين الذي يختلف أهله على الساعة. مَن يُشاهد الخلاف الحادّ بين الشرائح المجتمعية في بلد الحضارة والتنوع الثقافي على تأخير الساعة أو تثبيتها والاختلاف على تحديد التوقيت الصيفي والشتوي، يحزن، وفي الوقت نفسه يُدرك حجم الوهم الذي يشعر به من يعيشون في الداخل اللبناني، أن نظامهم المُتهالك يُدير الحكومة العالمية، بل ويتزعم مسار العلاقات الدولية، ومسؤول عن موعد إطلاق الصواريخ النووية، ومواقيت إيقاظ المطارات العالمية، ومراسم استقبال الطيور والنوارس والعجائب الكونية. هو خلاف نشب بعد نشر فيديو لرئيس مجلس النواب اللبناني في اجتماعه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي، في حوارهما حول التوقيت الصيفي والشتوي، ومساعيهما لتقليص عدد ساعات الصيام، وهو ما يعكس كمية الحنان الذي يفيض من السلطة على المواطن الصائم. في المقابل، استنفرت شريحة واسعة من اللبنانيين الذين وجدوا في قرار تثبيت الساعة على التوقيت الشتوي لحين انتهاء شهر رمضان المبارك، خرقٌ للأعراف التي قام عليها هذا النظام التوافقي المُتهالك. ووسط هذا الخلاف البنّاء للأجيال المقبلة، تسأل الطفلة أبيها: صديقتي مُسلمة وأنا مسيحية، فهل هي ستأتي بعدي بساعة إلى المدرسة؟ خلاف مُبتكر يُوثق للتاريخ، في توقيتٍ مناسب ومُثمر للفتنة في كلّ الفصول صيفًا وشتاء، إذ جاء بعد أقلّ من 12 ساعة على الاحتجاجات التي قام بها العسكريون المتقاعدون على تدّني رواتبهم وما آلت بهم الظروف بعد خدمتهم الطبقة الحاكمة لعقود، ورميهم بالغاز المُسيل للدموع فوق دموعهم، وتضامن مختلف اللبنانيين معهم، وأصوات دعت العسكريين المتقاعدين لحمل راية التغيير، كونهم الأكثر خبرة في سلوكيات الطبقة الحاكمة، وكيفية مواجهتها. لكنّ الطبقة الطائفية الأصيلة المعتقّة نجحت في ردّ عقارب الساعة إلى الوراء بدقّة، وتحديدًا إلى ساعة اعلان قيام نظامٍ توافقي طائفي مسخ على أنقاض حرب الآخرين على أرض لبنان، تتوزع فيه الأدوار وتتجانس، حيث ابتكار الفتن فنّ لدى هذه الطبقة، ومن يُعاونها من جنود فرعون في وسائل الإعلام، والأبواق الفكرية، والأزلام، وهو فنّ تضليل الرأي العام وكيفية السيطرة على العقول بساعة!