29 أكتوبر 2025
تسجيلفي مقال الأسبوع الماضي كنت قد تحدثت عن أهمية الزيارات الميدانية لمواقع الكوارث ومواضع النكبات كمخيمات وتجمعات اللاجئين والنازحين، وأهم الشرائح التي ينبغي أن تهتم المؤسسات الإنسانية لتكون ضمن وفودها أو فرقها الميدانية، ونوهت بإشارة موجزة فيه لأهمية وجود الأطفال والناشئة ضمن هذه الشرائح.دفعني إلى هذه الإشارة حينها وجود طفلين وفتى في رحلتين إلى مخيمات وتجمعات اللاجئين السوريين في الأردن وعلى الحدود التركية ـ السورية تم تنظيمها في إطار نشاط مبادرة "المتنافسون" التي تتبع جمعية قطر الخيرية، رغم أن وجودهم كان على الأرجح بمبادرة من آبائهم وأمهاتهم المرافقين للوفد، وقد دعوت في المقال إلى تعميم هذه الفكرة الخيّرة وتنظيم رحلات لتقديم الإغاثة من قبل الناشئة، بالتعاون بين جهات تربوية ونواد من جهة وبين المؤسسات الإنسانية من جهة أخرى.عقب نشر المقال سرّني جدا ما أعلمني به مسؤول في جمعية خيرية كويتية مرموقة أنها بالفعل قد قاموا بتنظيم رحلتين واحدة للأطفال الأولى لـ (الذكور) أعمارهم دون 13 عاما والأخرى لـ (الإناث) وأعمارهن دون 15 عاما، بل ذهب أبعد من ذلك حينما أخبرني أنهم نظموا زيارات خاصة إلى مواقع الأزمات لكثير من الشرائح التي أشرتُ إليها في المقال مثل: الأدباء والفنانين والكتاب والناشطين الشباب ونجوم المجتمع. الزيارتان اللتان نظمتا باسم "فتيان الخير" و"فتيات الخير" على التوالي من قبل مؤسسة الرحمة العالمية الكويتية، لتقديم الإغاثة من قبل أطفال الكويت إلى أطفال سوريا، لاشك أنهما مبادرة نوعية جديدة على مستوى العمل الإغاثي، خصوصا أنهما نفذتا بالتزامن مع موجة البرد والصقيع والثلوج في الشهرين الأول والثاني من العام الحالي، حيث تفقد الأطفال مواقع التجمعات السورية، وقدموا مساعداتهم ومواساتهم لأقرانهم السوريين في ظروف مناخية صعبة، وخاضوا في الوحل والطين المحيط بها وبالخيام والكرافانات، كما شاهدت في مقاطع فيديو الزيارتين.وإذا كان العمل التطوعي علامة على رقي المجتمعات ورافدا مهما لتنميتها والنهوض بها إلى درجة اعتباره قطاعا ثالثا إلى جانب القطاعين العام والخاص، فإن أفضل السبل لجذب أفراد المجتمع للعمل التطوعي ودمجهم فيه تبدأ منذ نعومة الأظفار، من خلال غرس قيم العمل الخيري والإنساني وهي كثيرة وأبوابها متعددة، بحيث يكون يكون الشق العملي ملازما للشق التنظيري، حتى يصبح التطوع سلوكا عمليا معتادا، وملازما لصاحبه حتى الكبر، لذا ينبغي أن نولي هذه المرحلة أهمية خاصة ونعطيها صدارة الأولويات، تتعاون في ذلك الأسرة والمدرسة والنوادي من جهة والمؤسسات الخيرية من جهة أخرى، ويتم ذلك من خلال برامج لا تقتصر على المحاضرات والمواعظ فحسب ـ على أهميتها ـ بل على أدوات غير مباشرة تجذب الطفل لهذا الجانب كاللعب والترفيه، وبحيث يكون مشاركا في تنفيذها أو تصميمها ويكون محورا رئيسيا فيها في جوانبها التطبيقية. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك البرنامج الوطني لتعزيز القيم الذي تتبناه قطر الخيرية وتنفذه على مستوى مدارس قطر، فقد اختارت لهذا العام قيمة "أنفعهم للناس" وسيكون تنافس الطلبة من خلال نماذج عملية تكرس هذه القيمة ويقومون بها بأنفسهم مثل أفلام اليوتيوب، والمسرح والرسم والدراما الإذاعية وغيرها. ولكن يبقى للعمل الإغاثي عموما والميداني منه خصوصا (المشاركة في تقديم المعونات والدعم..) أهمية معتبرة لذا نقترح أن تكون من الأمور التي تحظى بعناية خاصة ونحن في صدد تعويد الناشئة على العمل التطوعي ودمجهم فيه تدريجيا .