02 أكتوبر 2025

تسجيل

الثورة السورية والمؤمل من قمة الدوحة

27 مارس 2013

شكرا لدولة قطر ولدول الخليج، ولكل الدول العربية التي وقفت إلى جانب الثورة السورية، ومطالبها العادلة، ودعمت الائتلاف السوري المعارض ليكون هو الممثل الحقيقي للشعب السوري، ودفعت بهذا الاتجاه بقوة. كانت لحظة تاريخية لي، وأظنها كانت لكل الأحرار في بلادي وفي العالم العربي والعالم بكل معنى الكلمة تلك التي دعا خلالها سمو أمير دولة قطر رئيس القمة العربية كلا من الشيخ معاذ الخطيب رئيس ائتلاف المعارضة، والمهندس غسان هيتو رئيس الحكومة السورية المؤقتة لحضور الجلسة الافتتاحية للقمة، وأخذ مقعدهما والوفد المرافق لهما كممثلين عن الجمهورية العربية السورية، لقد دمعت العين فرحاً، لهذا النصر السياسي والدبلوماسي المؤثِر الذي سيكون له ما بعده بإذن الله. لأول مرة منذ خمسين عاما يعود جزء من الشرعية لأصحابها الحقيقيين، للشعب السوري، وليس للعائلة الأسدية التي اغتصبت الحكم في بلادنا قرابة 43 عاماً من الأب إلى الابن، وليس لنظام الحزب الحاكم (البعث)، الذي صادر الحريات ومنع التعددية السياسية وأنتج برلمانات هزيلة من المنافقين والمنتفعين المزيفين على مدار عقود من الزمن. ولأول مرة ينجح النظام الرسمي العربي، عبر بيته الكبير ومظلته الجامعة في رفع الغطاء السياسي الشرعي عن النظام الأسدي الاستبدادي، ويحيله إلى مجرد عصابة منبوذة من اللصوص وقطاع الطرق، تنبغي على الجميع مقاطعتها، ونبذها، وإفساح المجال عوضا عنها للممثلين الشرعيين والحقيقيين، الذين أفرزتهم الثورة المباركة وتضحيات الشعب السوري البطل. إن هذه الخطوة تعتبر نصرا سياسيا للثورة السورية ولثوارها على الأرض على طريق الخلاص الكامل من النظام الأسدي المجرم، فمن شأن هذه الخطوة أن تتلوها خطوات لعل أهمها: فتح الباب واسعا لتمثيل الثورة السورية في كل من منظمة التعاون الإسلامي وهيئة الأمم المتحدة وكافة المؤسسات الإقليمية والدولية، مقابل طرد النظام وممثليه من المؤسسات التابعة للجامعة العربية، والدفع بطرده من المحافل العربية والإقليمية والدولية ونزع الشرعية عنه، والسعي لنقل السفارات لعهدة الائتلاف وحكومته والاعتراف العربي والدولي بأي وثائق والتزامات صادرة عنهما. وفي هذا الصدد يفترض أنه قد تم يوم أمس الثلاثاء أول تسليم رسمي لسفارة سورية إلى ائتلاف المعارضة، في حفل خاص سيجري فيه تسلّم مقر هذه السفارة بالدوحة. ولعل هذه الخطوة تكون أول الغيث بإذن الله وفاتحة خير لتمثيل الشعب السوري، من خلال ممثلي الثورة وتشكيلات المعارضة. ورغم تعقيدات الأزمة السورية بسبب التدخلات الإقليمية الضخمة، وفشل المبادرات الدولية والأممية لإنقاذ الشعب السوري من براثن نظام دموي، وحمايته من الأسلحة الفتاكة والمحرّمة، منذ ما يزيد على عامين فإن على الجامعة في قمتها التي تتنسم عبير ربيع الثورات العربية، أن تخرج ببدائل عملية قوية لإنقاذ الشعب السوري من محنته، وليس من المعقول بعد كل هذا الزمن أن يترك السوريون لمواجهة مصيرهم لوحدهم، قبالة نظام لا يرقب في شعبه إلاّ ولا ذمة، وليس مستساغا أن تحشر أطراف إقليمية ودولية أنفها في الأزمة السورية حفاظا على مصالح أمنها القومي، أو تحقيقا لأجنداتها الطائفية، عبر كل أشكال الدعم المالي والسياسي والعسكري، ويتخلى العرب عن مسؤولياتهم الأخلاقية والأخوية، وإلا فإنهم سيؤكلون كما أكل من قبلهم الثور الأبيض. لذا يفترض أن المعارضة قد طالبت أو أنها ستطالب بدعم الشعب السوري عسكريا وإغاثيا، وبوفاء الدول العربية بتعهداتها إزاء قضايا النازحين واللاجئين الذين يصل عددهم لما لا يقل عن 4.5 مليون شخص، وهذا الدعم من شأنه أن يعزز صمود الشعب الثوري على أرضه، وصمود ثورته، ويسرّع في عملية انتصار الثورة، أو إحداث نوع من التوازن العسكري مع نظام يحظى بكل أشكال الدعم العسكري، بينما يعجز العالم أو يمتنع عن تقديم أسلحة نوعية محدودة للثوار، توقف أو تحدّ من قصف جيش النظام للمدنيين العزل وإيقاع مزيد من الضحايا والجرحى في صفوفهم. وهو ما يصبّ في نهاية المطاف في هزيمة عصابة القتل في دمشق أو إجبارها على الرحيل. ما حدث في القمة يعد أحد أساليب الضغط السياسي العربي على نظام يحتضر، وقفت وراءه وحرّكته دول عربية محدودة كقطر والسعودية وتركيا، فكيف لو تعضدت هذه الإرادة العربية مجتمعة أو شبه مجتمعة، وخرجت بآليات أكثر ضغطا على الأسد، وأكثر دعما لحماية السوريين، عندها سنكون أمام نقلة نوعية حقا، تختصر معاناة الشعب السوري الذي قدّم ـ ومازال ـ وضحّى بما يفوق الوصف، وتخلِّصه من نظام فاشي بغيض، لا تنحصر تهديداته وشروره على القطر السوري بل تتعداه إلى دول الجوار والإقليم، وما يحدث في لبنان وتركيا ما هو إلا مستصغر الشرر. وما يطلبه الشعب السوري ليس فوق طاقة الأنظمة العربية فرادى أو مجتمعة بكل تأكيد. نتفاءل ونؤمل خيرا من لقاء الدوحة، أما إذا بقي الدعم في حدود الأقوال لا الأفعال ـ لا سمح الله ـ فإن ذلك سيزيد من إحباط الشعب السوري، وسيتأكد له أنه يقف وحيدا في مواجهة أعتى أنظمة الإجرام، بلا ظهير عربي أو إسلامي أو دولي، وعلى الكل آنذاك أن يتحمل عواقب تخليه عن مسؤولياته الأخلاقية والأخوية والإنسانية، وخروج الأمور عن نطاق السيطرة.