مشروع ولدنا 2

في مقال الأسبوع الماضي تكلمنا عن اختراع بوراشد وصديقه بوسعد لآلة عجيبة استطاعا من خلالها التواصل مع العالم الآخر والتخاطب مع أرواح العلماء لطلب مساعدتهم في حل المشاكل التي عجز العلم الحديث عن تحليل ظواهرها أو إيجاد الحلول المناسبة لها، وقلنا إنه بالفعل نجحت الآلة بالاتصال مع انيشتاين واديسون ونيوتن ولكن حدثت لهم مشاكل في إعدادات الصوت مما نتج عن ذلك أن تكلم العلماء الثلاثة بلكنات عربية مختلفة. وقبل أن نواصل سرد قصة بوراشد وآلته الثورية الغريبة أنوه أن أحداث القصة خيالية ولا تمت للواقع لا من قريب ولا بعيد وأن أي تشابه للأحداث هو محض الصدفة فقط، وإن هذه القصة هي مجرد فانتازيا كوميدية يحاول الكاتب من خلالها تجربة كتابة قصص الخيال العلمي لتكون متنفسا لمن سئم من قراءة وسماع الأخبار المزعجة. فلنتابع عزيزي القارئ معاً ماذا حدث للمخترعين الأفذاذ. قلنا إن بوراشد شرح للعلماء الثلاثة المشكلة والتي تتعلق بمشروع الألبان الذي أقيم لسد حاجة المجتمع من هذا المنتج، فقال بوراشد "يا جماعة المشروع اشتغل والناس انبهرت من نتائجه وبدأت تتفاخر وتتباهى بجودة منتجاته حتى أنهم بدأوا في مساندة المشروع ودعمه، والحمد لله اشتغل المشروع على أكمل وجه"، سكت بوراشد للحظات فقال نيوتن "يا ولد وانت وش حارقن تسبدك (كبدك) ولدكم هذا لازم تحبونه على خشمه على ما فعل وسوى"، تدارك بوراشد الموقف قبل أن ينتقده الآخرون فقال "صحيح طال عمرك بس مش هذي المشكلة، المشكلة ان ولدنا صار يريد التوسع وبدأ يدخل في انتاج كل شي وهذا شي طيب خصوصا انه ينتجه في بيتنا، لكنه ما خلى الغير ينافسه يعني احنا نحبه وندعمه لكن مش كلنا نحب منتجاته ولابد يكون هناك منافسه شريفة وسوق مفتوح علشان يكون هناك تنافس في تقديم الأفضل، وفي الأخير بيكون نتاج هذا التنافس الفائدة للوطن والمواطن"، تدخل بوسعد في الموضوع فقال "اللي نبغيه منك انكم تشوفون لنا طريقة بحيث يستمر ولدنا ويستمر غيره مش فقط ولدنا اللي ننغصب عليه". التفت العلماء الثلاثة إلى بعضهم ثم قال اديسون "طيب خلونا احنا التلاته نتنائش (نتناقش) في الموضوع وندرس السوق وبعد كده ح نرد عليكم"، قال بوراشد "خذوا راحتكم وأتمنى انكم توصلون لحلول تصب في مصلحة الجميع". ترك المخترعان بوراشد وبوسعد العلماء الثلاثة يتناقشون ويتحاورون في الموضوع وذهبوا لأخذ قسط من الراحة ليستجمعوا قواهم بعد ليال طويلة من العمل والجهد الذي بذلاه. مرت ساعات طيلة ولا يزال بوراشد وبوسعد ينتظران بفارغ الصبر، فهمس بوسعد في أذن بوراشد "تهقى انهم بيلاقون لنا حل"، قال بوراشد "مليون في الميه هاذيلا اكبر علماء عرفتهم البشرية وموضوع مثل هذا ما يصعب عليهم، ولكنهم طولوا في دراستهم للموضوع وأعتقد ان هذا مؤشر جيد لأن معناته انهم بيبحثون المشكلة من جميع الجوانب ويقدمون لنا الحلول". وبعد منتصف الليل سمع بوراشد صوتا يناديهم صادرا من غرفة الآلة فهرع مسرعا مع مساعده بوسعد لمعرفة ما توصل إليه العلماء، فلما وصلوا قال بوراشد "بشرونا يا علماء ان شاء الله انكم لقيتوا لنا حل منصف للجميع"، أجاب اديسون عن تساؤل بوراشد "بص حضرتك احنا ناقشنا المشكلة من كل جوانبها والموضوع حله بكل بساطة انه لازم.... علشان... لأنه....مش معئول..... احتكار........فلازم...." قاطع بوراشد اديسون قائلا "يا اديسون صوتك يقطع اعد اللي قلته ولا خل نيوتن او انيشتاين يتكلم امكن يكون الصوت واضح عندهم"، وبدأ بوراشد في الضغط على أزرار لوحة التحكم محاولا إصلاح مشكلة الصوت، وبينما هو كذلك سمع صوت انيشتاين يقول "انتي سامعني يا أخينا، الداير عندك شنو..." ثم اختفت جميع الأصوات. حاول بوراشد وبوسعد إصلاح الصوت ولكن دون جدوى فالأصوات استمرت بالتقطيع وكذلك الصورة، وفي محاولة أخيرة قال بوسعد لبوراشد "يا بروف خلنا نعمل إعادة تشغيل للآلة امكن الصوت يتصلح"، وفعلا قام بوراشد بفصل الآلة عن مقبس الكهرباء الرئيسي وأعاد تشغيلها وضبط إعداداتها مرة أخرى ولكن هذه المرة لم يحضر جميع العلماء وإنما سمعوا صوت نيوتن فقط وهو يغني "يا اللومي يا اللومي حامض حلو"، ثم فجأة تصاعدت أدخنة كثيفة من الآلة اضطر المخترعان على إثرها إلى الهروب من الغرفة، وما هي إلا ثواني حتى سمعوا صوت انفجار مدوٍ يعلن لهم عن انتهاء تجربتهم الغريبة العجيبة. قال بوسعد لبوراشد بحزن وهو يتفقد أنقاض آلتهم المدمرة "يا ترى شنهو كان يقصد نيوتن بإغنية يا اللومي يا اللومي" رد عليه بوراشد "اعتقد انه راح يبقى حامض حلو". @drAliAlnaimi